للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت زائدة، واختلف في إطلاقهما الزيادة فيها. والذي فهمه النحويون أنهما أرادا حقيقة الزيادة, واختلفوا في تخريج ذلك، فقال ابن مالك: لا يمنع من زيادتها إسنادها إلى الضمير، كما لم يمنع من إلغاء "ظن" إسنادها إلى الفاعل في نحو: زيد ظننت قائم، وقال الفارسي في التذكرة: فإن قلت: كيف تلغى وقد عملت في الضمير؟ قلت: تكون لغوًا، والضمير الذي فيها توكيد لما في "لنا"؛ لأنه مرتفع بالفاعل، ألا ترى أنه لا خبر له١. وقال أبو الفتح محتجا للخليل: وجه زيادتها في هذا البيت: أن يعتقد أن الضمير المتصل وقع موقع المنفصل، والضمير مبتدأ، و"لنا" الخبر، ولكنك لما وصلت أعطيت اللفظ حقه، ولم يعتقد أن الواو مرفوعة بـ"كان".

وقال ابن عصفور: أصل المسألة: وجيران لنا هم، فـ"لنا" في موضع الصفة، و"هم" فاعل بـ"لنا"، على حد: مررت برجل معه صقر، ثم زيدت "كان" بين "لنا" و"هم" لأنها تزاد بين العامل والمعمول، فصار: لنا كان هم، ثم اتصل الضمير بـ"كان" وإن كانت غير عاملة فيه؛ لأن الضمير قد يتصل بغير عامله في الضرورة، نحو قوله: [من البسيط]

١٧٧-

................ ... أن لا يجاورنا إلاك ديار

والأص: إلا إياك، وإذا كان يتصل بالحرف فأحرى أن يتصل بالفعل، ا. هـ.

قال المرادي في شرح التسهيل: وهذه تخريجات متكلفة، ثم قال: وقال بعضهم: لا يعني الخليل وسيبويه ما فهمه النحويون، إنما أراد بالزيادة أنه لو لم تدخل هذه الجملة بين "جيران" و"كرام" لفهم أن هؤلاء القوم كانوا جيرانه فيما مضى، وأنه فارقهم، فالجيرة كانت في الزمن الماضي، فجيء بقوله: كانوا لنا، لتأكيد ما فهم من المضي، قبل دخولها، فأطلق الخليل الزيادة بهذا المعنى، ويدل على أنه يصف حالًا ماضية قوله قبل هذا: [من الوافر]

هل أنتم عائجون بنا لعنا ... نرى العرصات أو أثر الخيام٢


١ انظر قوله في خزانة الأدب ٩/ ٢١٩.
١٧٧- تقدم تخريج البيت برقم ٥٢.
٢ البيت للفرزدق في ديوانه ٢/ ٢٦٠، وخزانة الأدب ٩/ ٢٢٢، وسمط اللآلي ص٧٥٨، وشرح شواهد الشافية ص٤٦، واللامات ص١٣٦، ولسان العرب ١٣/ ٣٩٠ "لعن" ولجرير في ملحق ديوانه ص١٠٣٩، ولسان العرب ١٣/ ٣٤ "أنن"، وبلا نسبة في الإنصاف ص٢٥١، وجواهر الأدب ص٤٠٢، وخزانة الأدب ١٠/ ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>