للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"بالكسر على أنه تعليل مستأنف" بياني، فهو في المعنى جواب سؤال مقدر تضمنه ما قبله، فكأنهم لما قالوا: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ} قيل لهم لم فعلتم ذلك، فقالوا: {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} فهو تعليل جملي، "مثل: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} " [التوبة: ١٠٣] بكسر "إن" على أنه تعليل مستأنف، "ومثله" في جواز الوجهين: "لبيك إن الحمد والنعمة لك" يروى بكسر "إن" وفتحها١ فالفتح على تقدير لام العلة، والكسر على أنه تعليل مستأنف، وهو أرجح؛ لأن الكلام حينئذ جملتان، لا جملة واحدة، وتكثير الجمل في مقام التعظيم مطلوب، قاله الموضح في شرح بانت سعاد٢.

والكسر اختيار أبي حنفية، والفتح اختيار الشافعي، قاله في الكشاف٣.

الموضع "الرابع: أن تقع بعد فعل قسم ولا لام بعدها، كقوله" وهو رؤبة: [من الرجز]

٢٣٥-

"أو تحلفي بربك العلي ... إني أبو ذيالك الصبي"

يروى بكسر "إن" وفتحها "فالكسر على الجواب" للقسم "والبصريون يوجبونه٤"، واختاره الزجاجي٥، "والفتح" عند الكسائي والبغداديين وأوجبه أبو عبد الله الطوال "بتقدير "على"" و"أن" مؤولة بمصدر معمول لفعل القسم، وهو "تحلفي"، بإسقاط الخافض، وعلى هذا ليست جوابًا للقسم؛ لأنها مفرد وجواب القسم لا يكون إلا جملة، وإذا امتنع أن يكون جوابًا للقسم كان الفعل إخبارًا بمعنى الطلب للقسم، لا قسما، إذ الأصل في الجواب أن يكون مذكورًا، لا محذوفًا، "ولو أضمر الفعل"، أي: فعل القسم، وذكرت اللام، أو لم تذكر، "أو ذكرت اللام" وذكر فعل القسم "تعين الكسر إجماعًا" من العرب "نحو: والله إن زيدًا" لقائم أو "قائم، وحلفت إن زيدًا لقائم" وحكى


١ انظر الكتاب ٣/ ١٢٨.
٢ شرح بانت سعاد ص١٤٥، ١٤٦.
٣ الكشاف ٢/ ٢١٢.
٢٣٥- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص١٨٨، والمقاصد النحوية ٢/ ٢٣٢، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٣٤٠، وتخليص الشواهد ص٣٤٨، وشرح ابن الناظم ص١٢٠ وشرح الأشموني ١/ ١٣٨، وشر التسهيل ٢/ ٥٢، والجنى الداني ص٤١٣، وشرح ابن عقيل ١/ ٣٥٨، وشرح عمدة الحافظ ٢٣١، ولسان العرب ١٥/ ٤٥٠ "ذا" واللمع في العربية ص٣٠٤، وتاج العروس "ذا".
٤ انظر همع الهوامع ١/ ١٣٧، والارتشاف ٢/ ١٣٩.
٥ في الجمل ص٥٨: "والكسر أجود وأكثر في كلام العرب، والفتح جائز قياسًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>