للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن كيسان عن الكوفيين جواز الوجهين إذا أضمر الفعل، ولم تذكر اللام١، نحو: والله إن زيدًا قائم، وأنهم يفضلون الفتح في هذا المثال على الكسر، وأن أبا عبد الله الطوال منهم يوجبه، وهذا لا يقدح في دعوى الإجماع السابقة عن العرب، فإن الكوفيين، ومنهم الطوال لم يثبت لهم سماع بذلك.

الموضع "الخامس: أن تقع خبرًا عن قول ومخبرًا عنها بقول والقائل" للقولين شخص "واحد، نحو: قولي إني أحمد الله"، بفتح "إن" وكسرها، فإذا فتحت فالقول على حقيقته من المصدرية. أي: قولي حمد الله، وإذا كسرت فهو بمعنى المقول، أي: مقولي إني أحمد الله، قاله الموضح في حواشيه على التسهيل، ومن خطه نقلت. فالخبر على الأول مفرد، وعلى الثاني جملة، وهي مستغنية عن العائد؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى، على حد قوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} [يونس: ١٠] قاله الموضح في شرح الشذور٢.

"ولو انتفى القول الأول فتحت وجوبًا، نحو: عملي أني أحمد الله" لأنها خبر عن اسم معنى غير قول، والتقدير: عملي حمد الله، وهذا مبني على انحصار العمل في الحمد، إذ لا يخبر بالخاص عن العام إلا إذا ادعي انحصاره فيه، نحو: صديقي زيد؛ لأن المحمول لا يكون أخص من الموضوع، ولا يقال: الحيوان إنسان، وإنما يكون أعم منه كالإنسان حيوان، أو مساويًا كالإنسان الناطق، ولا يجوز كسرها لعدم العائد على المبتدأ، وبذلك فارقت: اعتقاد زيد إنه حق، والجامع بينهما أن خبر "أن" فيهما يصدق على المبتدأ، إلا أن يقال باستغنائها عن العائد لكونها نفس المبتدأ في المعنى فيشكل الفرق، "ولو انتفى القول الثاني، أو" وجد القولان، ولكن "اختلف القائل" لهما "كسرت" وجوبًا فيهما، فالأول "نحو: قولي إني مؤمن"، فالقول بمعنى المقول مبتدأ وجملة "إني مؤمن" خبره، وهي نفسه في المعنى، فلا تحتاج لرابط، ولا يصح الفتح؛ لأن الإيمان لا يخبر به عن القول لاختلاف مورديهما، فإن الإيمان مورده الجنان، والقول مورده اللسان. "و" الثاني نحو: "قولي إن زيدًا يحمد الله"، فالكسر على ما مر قبله، ولا يصح الفتح لفساد المعنى، إذ لا يصح أن يقال: حمد زيد الله؛ لأن "حمد زيد" غير قائم بالمتكلم، فكيف يسنده المتكلم إلى نفسه.


١ انظر الارتشاف ٢/ ١٣٩.
٢ شرح شذور الذهب ص٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>