للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أن "إن" تعمل بلا شرط، و"لا" لا تعمل إلا بشرط، "وشرطها أن تكون نافية" لا زائدة. "وأن يكون المنفي" بها "الجنس" بأسره، "وأن يكون نفيه نصا" وذلك إذا دخلت على نكرة، وأريد بها النفي العام، وقدر فيه "من" الاستغراقية؛ لأن "من" هي الموضوعة للجنس، فإذا قلت: لا رجل في الدار، وأنت تريد نفي الجنس كله لم يصح إلا بتقدير "من"، ولو لم ترد "من" لكنت نافيًا رجلًا واحدا, وجاز أن يكون في الدار اثنان فأكثر, ومن هنا قال النحويون إن "لا رجل" جواب لمن قال: هل من رجل في الدار؟، فهو سائل عن كل الجنس، قاله أبو البقاء في شرح لمع ابن جني "وأن لا يدخل عليها جار"، وهو المراد بقولهم أن لا تقع بين عامل ومعمول، "وأن يكون اسمها نكرة" لأنه على تقدير "من" كما تقدم، و"من" الاستغراقية مختصة بالنكرات، وأن تكون النكرة "متصلة بها"، خلافًا لأبي عثمان فإنه أجاز فيها أن تعمل مع فصلها، ولكنه لا يبنى، فقد جاء في السعة، لا منها بد، بالبناء مع الفصل، وليس مما يعول عليه، قاله الموضح في الحواشي، "وأن يكون خبرها نكرة" على الأصل، فجملة الشروط سبعة, أربعة راجعة إلى "لا" واثنان إلى اسمها، وواحد إلى خبرها، وستأتي محترزاتها.

وإذا اجتمعت هذه الشروط عملت "لا" عمل "إن" من نصب الاسم ورفع الخبر، "نحو: لا غلام سفر حاضر"، فـ"غلام سفر" اسمها، وهو منصوب، و"حاضر" خبرها، وهو مرفوعًا بها اتفاقًا؛ لأنها غير مركبة، وأما إذا ركبت فعن سيبويه أنها لا تعمل في الخبر، بل النكرة مع "لا" في موضع رفع بالابتداء والخبر خبر المبتدأ، مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخول "لا"، والأصح عند الناظم أنه مرفوع بها أيضًا، وهو مذهب الأخفش والمازني والمبرد١، "فإن كانت غير نافية لم تعمل" في الأسماء شيء "وشذ إعمال" "لا" "الزائدة في قوله" وهو الفرزدق يهجو عمر بن هبيرة الفزاري: [من البسيط]

٢٦٠-

"لو لم تكن غطفان لا ذنوب بها ... إذن للام ذوو أحسابها عمرا"

فأعمل "لا" الزائدة، "وذنوب" اسمها: و"لها" خبرها، وإنما عملت مع


١ انظر الارتشاف ٢/ ١٦٥، والمقتضب ٤/ ٣٥٧.
٢٦٠- البيت للفرزدق في ديوانه ١/ ٢٣٠، وخزانة الأدب ٤/ ٣٠، ٣٢، ٥٠، والدرر ١/ ٣٢٠، والارتشاف ٢/ ١٦٨، وشرح التسهيل ٢/ ٥٩، والمقاصد النحوية ٢/ ٣٢٢، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٣، والخصائص ٢/ ٣٦، ولسان العرب ٦/ ٢٦٩، "غطف"، وهمع الهوامع ١/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>