للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"و" لنا "على التعليق" من النثر الفصيح قوله تعالى: " {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} " [سبأ: ٧] فالكاف والميم مفعول أول، وجملة "إنكم لفي خلق جديد" في محل نصب، سدت مسد المفعول الثاني والثالث، والفعل معلق عن الجملة بأسرها باللام، ولذلك كسرت "إن" و"إذا" شرطية، وجوابها محذوف مدلول عليه بـ"جديد" والتقدير: إذا مزقتم تجددون، وجملة الشرط وجوابه معترضة بين المفعول الأول، وما سد مسد المفعولين ولا يصح أن تكون جملة "إن" وما بعدها جواب الشرط؛ لأن الحرف الناسخ لا يكون في أول الجواب إلا وهو مقرون بالفاء نحو: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢١٥] ، "و" من النظم "قوله": [من الطويل]

٣٢٣-

"حذار فقد نبئت إنك للذي ... ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى"

فـ"حذار" بكسر الراء اسم فعل بمعنى: احذره: و"نبئت" بالبناء للمفعول فعل ماض, والتاء نائب الفاعل، وهو المفعول الأول، وجملة "إنك للذي" في موضع نصب سدت مسد المفعولين، والفعل معلق عنها باللام، ولذلك كسرت "إن".

"قال ابن مالك" في النظم وغيره١: "وإذا كانت: أرى، و: أعلم منقولتين من" "رأى" البصرية و"علم" العرفانية "المتعدي" كل منهما "لواحد تعديًا" بالهمزة "لاثنين، نحو:" أرأيتت زيدًا الهلال، أي: أبصرته إياه، وأعلمت زيدًا الخبر، أي: عرفته إياه، قال تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [الأنفال: ٤٤] ، فالكاف والميم مفعول أول، و "ما تحبون" مفعول ثان، وأما: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا} [الأنفال: ٤٤] فـ"قليلا" حال لا مفعول ثالث، "و" هذان المفعولان "حكمهما حكم مفعولي "كسا" في الحذف"، لهما أو لأحدهما، "لدليل وغيره"، وفي كون الثاني منهما لا يكون جملة. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

٢٢٢-

وإن تعديا لواحد بلا ... همز فلاثنين به توصلًا

٢٢٣-

والثاني منهما كثاني اثني كسا ... ....................................

ووجه الشبه بينهما أن الثاني منهما غير الأول، ألا ترى أن "الحكم" غير "زيد"، في قولك: أعلمت زيدًا الحكم، كما أن "الثوب" غير "زيد" في قولك: كسوت زيدًا ثوبًا، فتقول في حذف الأول: أعلمت الخبر ورأيت الهلال، كما تقول: كسوت


٣٢٣- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٨١، والدرر١/ ٣٥٣، والمقاصد النحوية ٢/ ٤٤٧، وهمع الهوامع ١/ ١٥٧.
١ شرح التسهيل ٢/ ١٠٠، وشرح الكافية الشافية ٢/ ٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>