للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنها "مفرعة عن "ضرب"، بفتحهما" على الصحيح عند جمهور البصريين، فـ"زيد" ليس فاعلا بل نائب عن الفاعل, وعلى القول بأنها صيغة أصلية تحتاج إلى قيد لإخراج نائب الفاعل، ومخرج لنحو: مضروب زيد، فإنها مفرعة عن ضارب، ومخرج لنحو: أعجبني قراءة في الجامع القرآن. فالمصدر هنا بمعنى المفعول١؛ لأنه واقع موقع فعل مبني للمفعول، فصيغته مفرعة عن صيغة المبني للفاعل تقديرًا، والقرآن نائب الفاعل به، والتقدير: يعجبني أن يقرأ في الجامع القرآن، وسم الحد بعد ذلك للفاعل.

"وله أحكام" سبعة: "أحدها: الرفع"؛ لأنه عمدة إذ لا يستغني الكلام عنه، ورافعه المسند وفاقًا لسيبويه٢ لا الإسناد خلافًا لخلف الأحمر٣، وقد ينصب شذوذا إذا فهم المعنى، سمع من كلامهم: خرق الثوب المسمار، وكسر الزجاج الحجر، برفع أولهما، ونصب ثانيهما، وجعله ابن الطراوة قياسًا مطردًا، واستأنس له بعضهم بقراءة عبد الله بن كثير: "فَتَلَقَّى آدَمَ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ" [البقرة: ٣٧] ، بنصب "آدم"، ورفع "كلمات٤"، وفيه نظر، لإمكان حمله على الأصل؛ لأن من تلقى شيئًا فقد تلقاه الآخر.

"وقد يجر لفظًا بإضافة المصدر نحو: {لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} [البقرة: ٢٥١] فـ"الله" فاعل، و"الناس" مفعول، والتقدير: ولولا أن يدفع الله الناس، "أو" يجر بإضافة "اسمه أي: المصدر، "نحو" قول عائشة رضي الله عنها: "من قبلة الرجل امرأته الوضوء"٥ فـ"الوضوء" مبتدأ مؤخر، و"من قبلة الرجل" خبر مقدم و"قبلة" بضم القاف اسم مصدر قبل، و"الرجل" فاعله، "وامرأته" مفعول، وسيأتي أن اسم المصدر غير العلم والميمي إنما يعمل عند الكوفيين والبغداديين، "أو" يجر "بـ"من" أو الباء الزائدتين". فالأول "نحو: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ} [المائدة: ١٩] ، أي: ما جاءنا بشير. والثاني نحو: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ٧٩] أي: كفى الله.

والثالث نحو: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: ٣٦] ، أي: هيهات ما توعدون.


١ في "ب": "مبني".
٢ الكتاب ١/ ٣٣، ٣٤.
٣ الارتشاف ٢/ ١٨٠، والمساعد ١/ ٣٨٦.
٤ وقرأها كذلك: ابن عباس ومجاهد، والرسم المصحفي برفع "آدم" ونصب "كلمات"، انظر الإتحاف ص١٣٤، والنشر ٢/ ٢١١.
٥ الموطأ ص٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>