للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العقلاء" فإن لهم غرضًا في الإجمال، كما أن لهم غرضًا في البيان، "وبأنه يجوز" أن يقال: زيد وعمرو "ضرب أحدهما الآخر"، إذ لا يبعد أن يقصد قاصد ضرب أحدهما من غير تعيين، فيأتي باللفظ المحتمل، "وبأن تأخير البيان لوقت الحاجة جائز عقلا باتفاق" عند الأصوليين، ولغة عند النحويين، فلا يمتنع أن يتكلم بالمجمل ويتأخر البيان إلى وقت الحاجة، كـ: مختار ومنقاد، فإنهما مجملان لترددهما بين الفعل والمفعول بقلب عينهما المكسورة أو المفتوحة ألفًا، "و" جائز "شرعًا على الأصح" خلافًا للمعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الظاهر، وأبي إسحاق المروزي وأبي بكر الصيرفي؛ لأن المراد بالبيان حصول تمكن المكلف من امتثال الأمر، ولا حاجة لذلك إلا عند تعيين الامتثال، فأما قبل ذلك فلا، "وبأن الزجاج نقل" في معانيه "أنه لا خلاف" بين النحويين "في أنه يجوز في نحو: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} [الأنبياء: ١٥] كون "تلك" اسمها أي: اسم "زال"، "و"دعواهم" الخبر، وبالعكس"، انتهى كلام ابن الحاج.

قال المرادي١: ولا يلزم من إجازة الزجاج الوجهين في الآية جواز مثل ذلك في ضرب موسى عيسى؛ لأن التباس الفاعل بالمفعول ليس كالتباس اسم "زال" بخبرها، وذلك واضح ا. هـ. وكذا يقال في الباقي, فلو زال الالتباس بقرينة لفظية نحو: ضربت موسى سعدى، أو معنوية كأكلت الكمثرى الحبلى جاز التقديم بلا خلاف.

المسألة "الثانية" من مسائل وجوب تقديم الفاعل على المفعول "أن يحصر المفعول بـ"إنما"، نحو: إنما ضرب زيد عمرا"، فيجب تقديم الفاعل على المفعول اتفاقًا؛ لأنه لو أخر انقلب المعنى؛ وذلك لأن معنى قولنا: إنما ضرب زيد عمرًا انحصار ضرب زيد في عمرو، مع جواز أن يكون عمرو مضروبًا لشخص آخر، فإذا أخر وقيل إنما ضرب عمرًا زيد جاز أن يكون زيد ضاربًا لشخص آخر، ولم يجز أن يكون عمرو مضروبًا لشخص آخر، "وكذا الحصر بـ"إلا" عند" أبي موسى "الجزولي٢ وجماعة" من المتأخرين فإنهم أوجبوا تأخير المفعول المحصور بـ"إلا" نحو: ما ضرب زيد إلا عمرًا، "وأجاز البصريون والكسائي والفراء وابن الأنباري" من الكوفيين "

تقديمه أي: المفعول مع "إلا" "على الفاعل٣ كقوله" وهو دعبل بن علي الخزاعي: [من الطويل]


١ شرح المرادي ٢/ ١٧.
٢ الجزولية ص٥١.
٣ انظر شرح التسهيل ٢/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>