للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعلين {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: ٩٦] فـ"آتوني" يطلب "قطرًا" على أنه مفعول ثان له، و"أفرغ" يطلبه على أنه مفعوله، وعمل الثاني وهو "أفرغ": في "قطرًا", وأعمل "آتوني" في ضميره، وحذفه؛ لأنه فضلة، والأصل: آتونيه، ولو أعمل الأول لقيل: أفرغه. "ومثال الاسمين قوله:" [من الطويل]

٣٧٨-

"عهدت مغيثًا مغنيا من أجرته" ... فلم اتخذ إلا فناءك موئلا

فـ"مغنيا" من الإغانة بالمثلثة، و"مغنيًا": من الإغناء ضد الإفقار، تنازعا "من" الموصولة، فكل منهما يطلبها من جهة المعنى على المفعولية، وأعمل الثاني لقربه، وأعمل الأول في ضميره، وحذفه، فالأصل: "مغيثه "وعهدت", مبني للمفعول مسند إلى تاء المخاطب، و"مغيثًا" و"مغنيًا" حالان منهما، و"الفناء" الجوار والقرب، و"الموئل": الملجأ.

"ومثال المختلفين {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ١٠٩] فـ"ها" اسم فعل بمعنى "خذ" والميم حرف يدل على الجمع، و"اقرءوا" فعل أمر، تنازعا "كتابيه". وأعمل الثاني لقربه، وحذف من الأول ضمير المفعول، والأصل: هاؤموه، وأصل "هاؤم": هاكم، أبدل من الكاف الواو ثم أبدلت الواو همزة، وفي الجزاء الأول من شرح البحرين عن صفوان بن عسال أن النبي صلى الله عليه وسلم ناداه رجل، قال صلى الله عليه وسلم: "هاؤم". فقال: الرجل يحب القوم، ولما يلحق بهم، فقال: "المرء مع من أحب" حديث حسن، صحيح، رواه الشافعي في مسنده١، ومالك٢, وسفيان، وشعبة بن الحجاج، والحمادان، ومعنى "هاؤم": تعالوا. ا. هـ.

قال الموضح في الحواشي: فإن صح أنه يرد "قاصرًا" تعني "تعالوا" كما قيل في الحديث، فلا تنازع في الآية، ويخرج حينئذ عن استدلال البصريين، وهذا المعنى متعين، وظاهر في الآية، ولكن لا أستحضر الآن أحدًا قال به غير هذا الرجل في هذا الحديث ا. هـ. قلت: قال به الحوفي في الآية نفسها.


٣٧٨- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ١٨٩، وتخليص الشواهد ص٥١٣، وشرح ابن الناظم ص١٨٤، وشرح الأشموني ١/ ٢٠٢، وشرح الكافية الشافية ٢/ ٦٤٢، والمقاصد النحوية ٣/ ٢.
١ انظر مسند الشافعي المجلد الأول ١/ ٤١، ٤٢، حديث رقم ١٢٢، أورده ابن قدامة في كتابه "المتحابين في الله" ص٨٨.
٢ لم أجد الحديث في الموطأ، ولا في المدونة الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>