للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر كلام الموضح أن التنازع يكون في جميع المعمولات، وفي النهاية لابن الخباز: لا يقع التنازع في المفعول له، ولا الحال، ولا التمييز، ويجوز في المفعول معه، تقول:"قمت وسرت زيدًا"، إن أعملت الثاني، و"قمت وسرت وإياه وزيدًا"، إن أعملت الأول. ا. هـ. وسيأتي الكلام في الواقع بعد "إلا".

واستفدنا من أمثلة الموضح أنه لا يشترط في التنازع أن يكون أحد العاملين معطوفًا على الآخر، خلافًا للجرمي.

وأصل التنازع أن يكون بين عاملين في معمول واحد، "وقد يتنازع ثلاثة. وقد يكون المتنازع فيه متعددًا، وفي الحديث "تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين" ١ فتنازع ثلاثة" وهي "تسبحون" و"تكبرون" و"تحمدون" "في اثنين: ظرف" وهو "دبر"، "و" نائب "مصدر" وهو "ثلاثة"، فأعمل الأخير لقربه، فنصب "دبر" على الظرفية، و"ثلاثًا" على المفعولية المطلقة، لنيابته عن المصدر، وأعمل الأولين في ضميريهما، وحذفهما لأنهما فضلتان، والأصل: تسبحون الله فيه إياه، وتكبرون الله فيه إياه، وما ذكره من جواز إعمال الأول والثاني والثالث حكى بعضهم فيه الإجماع، قال ابن خروف في شرح كتاب سيبويه: استقرأت كلام العرب، فوجدت إعمال الثالث، وإلغاء ما عداه. قال ابن مالك٢: وهو كما قال. واعترض بأنه سمع من كلامهم إعمال الأول من الثلاثة، كقول أبي الأسود: [من الطويل]

٣٧٩-

كساك وإن لم تكسه فاشكرن له ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر

قال المرادي: فدل على أن استقراءه غير تام، ولا يحفظ من كلامهم إعمال الثاني. ا. هـ.

"وقد علم مما ذكرته" في حقيقة التنازع، من أن المتنازعين لا بد أن يكونا فعلين، أو اسمين، أو مختلفي الاسمية والفعلية "أن التنازع لا يقع بين حرفين"؛ لأن الحروف لا دلالة لها على الحدث حتى تطلب المعمولات، وأجاز ابن العلج التنازع بين


١ أخرجه البخاري في كتاب الدعوات برقم ٥٩٧٠.
٢ شرح التسهيل ٢/ ١٧٦، ١٧٧.
٣٧٩- البيت لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص١٦٦، ٣٠٩، وإنباه الرواة ١/ ٥٨، والارتشاف ٣/ ٩٣، ودرة الغواص ص١٥٧، وحماسة البحتري ص١٤٩، وسمط اللآلي ص١٦٦، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١/ ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>