للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على من زعم أن العامل في المثال الأول إما "ها" التنبيه أو اسم الإشارة، لتخلفه هنا, وكان القياس وجوب تأخير الحالين في المثالين عن "أفعل" كما في الحال الواحدة، ولكن اغتفر تقدم الحال الفاضل١ فرقًا بين المفضل والمفضل عليه، إذ لو أخرا لالتبسا٢، فإن قيل: اجعل أحدهما تاليًا لـ"أفعل" ولا لبس، قلنا: يؤدي إلى فصل "أفعل" من "من" ومجرورها، وهما كالموصول والصلة. فإن قيل: قد فصل بالظرف وعديله والتمييز.

قلنا: ذاك فصل جائز، وهذا فصل واجب في نوع خاص إذا لم يجز تقديمه، قاله في الحواشي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

٣٤٧-

ونحو زيد مفردًا أنفع من ... عمرو معانا مستجاز لن يهن

"ويستثنى من المضمن معنى الفعل دون حروفه أن يكون" العامل "ظرفًا أو مجرورًا مخبرًا بهما" متأخرين عن المخبر عنه، "فيجوز بقلة توسط الحال بين المخبر عنه والمخبر به كقوله": [من الطويل]

٤٤١-

"بنا عاذ عوف وهو بادئ ذلة ... لديكم" فلم يعدم ولاء ولا نصرًا

فوسط الحال؛ وهو: بادئ ذلة؛ بين المخبر عنه؛ وهو: الضمير المنفصل؛ والمخبر به، وهو لديكم، والأصل: وهو لديكم بادئ ذلة؛ وصاحب الحال الضمير المنتقل إلى الظرف، و"عوف": فاعل "عاذ" بالذال المعجمة، وقيدنا الظرف والمجرور بالتأخير لبيان محل الخلاف إذ لو تقدما على المخبر عنه نحو: "في الدار، أو عندك جالسًا زيد" جاز التوسط بلا خلاف؛ لأن الحال لم تتقدم على عاملها المضمن معنى الفعل دون حروفه، وذلك ظاهر. والخلاف المتقدم جار في الحال المفردة، والجملة المصدرة بالواو وغيرها، والظرف، والجار والمجرور ولا فرق في المفردة بين المضافة؛ كما تقدم في البيت؛ "و" غير المضافة "كقراءة بعضهم: "مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةً لِذُكُورِنَا"" [الأنعام: ١٣٩] بنصب "خالصة"٣ على الحال المتوسطة بين المخبر عنه؛ وهو "ما" الموصولة؛ والمخبر به، وهو "لذكورنا"، والأصل؛ والله أعلم: ما في بطون هذه الأنعام لذكورنا خالصة، و"ما"


١ في "ط": "الفاضلة".
٢ في "أ": "النساء".
٤٤١- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٣٣٢، وشرح ابن الناظم ص٢٤٠، وشرح الأشموني ١/ ٢٥٢، والمقاصد النحوية ٣/ ١٧٢.
٣ الرسح المصحفي: {خَالِصَةٌ} بالرفع، وقرأها بالنصب ابن عباس والأعرج وقتادة وابن جبير، وانظر البحر المحيط ٤/ ٢٣١، والمحتسب ١/ ٢٣٢، ومعاني القرآن للفراء ١/ ٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>