للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدل الموضح عن "ها" إلى "هن"؛ لأن الأكثر في "هن" أن يعود إلى جمع القلة، و"ها" بعكس ذلك، والمراد بـ"قصرهن" أن يلزم آخرهن الألف المنقلبة عن لامهن في الأحوال الثلاثة، فيعربن بحركات مقدرة عليها، "كقوله"؛ وهو أبو النجم فيما قال الجوهري، وقيل رؤبة: [من الرجز]

٢٦-

"إن أباها وأبا أباها" ... قد بلغا في المجد غايتاها

أنشده ابن جني وغيره. و"أبا" الأول وما عطف عليه لا شاهد فيه؛ لأن كل واحد منهما يحتمل أن يكون منصوبا بالألف نيابة عن الفتحة، ويحتمل أن يكون مقصورا منصوبا بفتحة مقدرة على الألف، والشاهد في "أباها" الثالث، إذ هو نص في القصر؛ لأنه مضاف إليه، فهو مجرور بكسرة مقدرة على الألف، وإلا لجر بالياء، "وقول بعضهم" وهو أبو حنش حين قال له خاله، وقد بلغه أن ناسا من أشجع في غار يشربون، وهم قاتلون إخوته: هل لك في غار فيه ظباء لعلنا نصيب منها؟ وانطلق به حتى أقامه على فم الغار، ثم دفعه في الغار فقال: ضر يا أبا حنش. فقال بعضهم: إن أبا حنش لبطل، فقال أبو حنش: "مكره أخاك لا بطل"١. فصار هذا مثلا يضرب لمن يحمل على ما ليس من شأنه. وقيل: إن أول من قاله عمرو بن العاص، لما عزم عليه معاوية ليخرجن إلى مبارزة على رضي الله عنهم، فلما التقيا قال عمرو: مكره أخاك لا بطل، فأعرض عنه. وذكر "الأخ" للاستعطاف، فـ"أخاك": مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على الألف، و"بطل": معطوف بـ"لا" على مكره، و"مكره": اسم مفعول خبر مقدم، ولا يجوز أن يكون "مكره" مبتدأ، أو "أخاك" نائب عن الفاعل سد مسد الخبر؛ لعدم اعتماده على النفي أو الاستفهام عند جمهور البصريين، وأجازه الأخفش والكوفيون كما سيأتي٢.


٢٦- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ١٦٨، ولأبي النجم العجلي في ديوانه ٢٢٧، ولهما معا في شرح ابن الناظم ص٢٠، وشرح شواهد المغني ١/ ١٢٧، والمقاصد النحوية ١/ ١٣٣، ٣/ ٦٣٦، والدرر ١/ ٣٢، ولرؤبة أو لرجل من بني الحارث في الخزانة ٧/ ٤٥٥، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٤٦، وأسرار العربية ٤٦، والإنصاف ١٨، وتخليص الشواهد ص٥٨، والخزانة ٤/ ١٠٥، ٧/ ٤٥٣، ورصف المباني ٢٤، ٢٣٦، وسر صناعة الإعراب ٢/ ٧٠٥ وشرح الأشموني ١/ ٢٩، وشرح شذور الذهب ٦٢، وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٨٥، وشرح ابن عقيل ١/ ٥١، وشرح المفصل ١/ ٥٣، ومغني اللبيب ١/ ٣٨.
١ الشاهد من الأمثال؛ وهو في الدرر ١/ ٣٢، وهمع الهوامع ١/ ٣٩، ومجمع الأمثال ٢/ ٣١٨، ١/ ١٥٣، والفاخر ٦٢، وجمهرة الأمثال ٢/ ٢٤٢، والمستقصى ٢/ ٣٤٧، وكتاب الأمثال لابن سلام ٢٧١، والبيان والتبيين ١/ ١٦٢، ٤/ ١٧. يضرب المثل لمن يحمل على من ليس من شأنه.
٢ لأنهم لا يشترطون في الوصف اعتماده على نفي أو شبهه. انظر الدرر ١/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>