أجيب بأن العرب قد جرت على عادتها في استعمال هذه اللفظة في الدعاء، ولهم في ذلك غرضان:
إحدهما: أنهم يريدون بذلك استعظام موت الرجل الجليل، وكأنهم لا يصدقون بموته. والثاني: أنهم يريدون الدعاء له بأن يبقى ذكره ولا يذهب، لأن بقاء ذكر الإنسان بعد موته بمنزلة حياته.
والعداة: جمع عاد، وهو العدو بعينه، ولا يجوز أن يكون جمع عدو، لأن فعولا لا يجمع على فعلة. والجزر: جمع جزور، وهي الناقة التي تتخذ للنحر، والمعترك: موضع القتال، ومعاقد: جمع معقد، والأزر: جمع إزار.
والمعنى: لا يهلكن قومي الذين هم سم على أعدائهم وآفة لإبلهم، لأنهم كانوا ينحرونها لأضيافهم.
والنزول في الحرب على ضربين: أحدهما في أول الحرب، وهو أن ينزلوا عن إبلهم ويركبوا خيلهم، والثاني: في آخرها، وهو أن ينزلوا عن خيلهم ويقاتلوا على أقدامهم إذا كان القتال في موضع وعر لا مجال فيه للخيل.
والطيبون معاقد الأزر: كناية عن عفة الفرج، تريد: أنهم لا يعقدون مآزرهم على فرج زانية. كانت العرب إذا وصفوا الرجل بطهارة الإزار والذيل أرادوا أنه لا يزني، وإذا وصفوه بطهارة الكم أرادوا أنه لا يخون ولا يسرق، وإذا وصفوه بطهارة الجيب أرادوا أن قلبه لا ينطوي على غش ولا مكر.
"و" المقصود من البيت أنه "يجوز فيه رفع "النازلين والطيبين" على الإتباع لـ: قومي، أو على القطع بإضمار مبتدأ" تقديره: "هم، و" يجوز "نصبهما" على القطع أيضًا "بإضمار" فعل تقديره: هم، ويجوز نصبهما على القطع أيضًا بإضمار فعل تقديره:"أمدح أو أذكر، و" يجوز "رفع الأول" وهو "النازلون" على الإتباع لقومي، أو على القطع بإضمار"هم""و" يجوز "نصب الثاني" وهو "الطيبون" على القطع بإضمار "أمدح" أو "أذكر" على ما ذكرنا.
"و" يجوز "عكسه" وهو نصب الأول ورفع الثاني "على القطع فيها" لا على الإتباع في الثاني، لأنه مسبوق بنعت مقطوع، والإتباع بعد القطع لا يجوز لما فيه من الفصل بين النعت والمنعوت بجملة أجنبية، ولما فيه من الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، أو لما فيه من القصور بعد الكمال، لأن القطع أبلغ في المعنى المراد من الإتباع اعتبارًا