"فبعضهم يعربه على ما كان عليه قبل التسمية" ولم يحذف تنوينه؛ لأنه في الأصل للمقابلة، فاستصحب بعد التسمية.
"وبعضهم" يعربه على ما كان عليه قبل التسمية مراعاة للجمع، "ويترك تنوين ذلك" مراعاة للعلمية والتأنيث.
"وبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف"، فيترك تنوينه ويجره بالفتحة مراعاة للتسمية.
فالأول راعى الجمعية فقط، والأخير راعى التسمية فقط، والمتوسط توسط بين الأمرين، فراعى الجمعية، فجعل نصبه بالكسرة، وراعى اجتماع العلمية والتأنيث فترك تنوينه. وهذا المسلك يشبه تداخل اللغتين، فإنه أخذ من الأول النصب بالكسرة، ومن الأخير حذف التنوين، فتحصل في المسألة ثلاثة أوجه. "ورووا بالأوجه الثلاثة قوله"
وهو امرؤ القيس الكندي في محبوبته:[من الطويل]
٤٢-
"تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عالي"
الرواية بجر "أذرعات"، بالكسرة من التنوين وتركه، وبالفتحة بلا تنوين، ومعنى "تنورتها": نظرت إلى نارها بقلبي من أذرعات وأنا بالشام وأهلها بيثرب مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، سميت باسم الذي نزلها من العماليق، وهو يثرب بن عبيد، وفي السنة: منع إطلاق هذا الاسم عليها؛ لأنه من مادة التثريب، وأما قوله تعالى:{يَا أَهْلَ يَثْرِبَ}[الأحزاب: ١٣] فحكاية عمن قاله من المنافقين، وإلى هذا الباب الإشارة بقول الناظم:
٤١-
وما بتاء وألف قد جمعا ... يكسر في الجر وفي النصب معا
٤٢-
كذا أولات والذي اسما قد جعل ... كأذرعات فيه ذا أيضا قبل
٤٢- البيت لامرئ القيس في ديوانه ٣١، والاقتضاب ص٨٦، وخزانة الأدب ١/ ١٥٦، والدرر ١/ ١٣، ورصف المباني ص٣٤٥، وسر صناعة الإعراب ص٤٩٧، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢١٩، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص١٣٥٩، وشرح المفصل ١/ ٤٧، والكتاب ٣/ ٢٣٣ وعمدة الحفاظ ٤/ ٢٣١ "نور" والمقاصد النحوية ١/ ١٩٦، والمقتضب ٣/ ٣٣، ٤/ ٣٨، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٦٩، وشرح ابن عقيل ص١/ ٧٦، وشرح المفصل ٩/ ٣٤.