الحمد لله الذي أنزل الكتاب متناسبًا سوره وآياته، متشابهًا فواصله وغاياته، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي تمت كلماته، وعمت مكرماته، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده الذي خُتمت به نُبوَّاته، وكملت برسالته رسالاته، توالت عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وأحبابه صلواته، وتواتر تسليمه وبركاته ما دامت حياته وبقيت ذاته وصفاته.. وبعد:
فهذا كتاب لطيف، تناول فيه مؤلفه من علوم القرآن، ألا وهو ترتيب السور وتناسقها ومناسباتها، وإيضاح ما في ذلك من إعجاز وبيان ومقاصد، وسوف يتجلى لنا من خلال عرض هذا الكتاب الدقائق التي فتح الله بها على مصنِّفه، وتلكم اللمحات الزكية التى أكثرها من نتاج فكره، وولاد نظره، وغير ذلك من فوائد، يجنيها القارئ.
وقد قلَّ اعتناء المفسرين بهذا النوع لدقته، وممن أكثر منه الإمام فخر الدين الرازي١ في تفسيره: أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط.
وقال بعض الأئمة: من محاسن الكلام أن يرتبط بعضه ببعض؛ لئلا يكون منقطعًا.
وهذا النوع يهمله بعض المفسرين -أو كثير منهم- وفوائده غزيرة، قال
١ ترجمته في مقدمة المصنف، وقد أكثر السيوطي النقل عنه.