للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الأعلى والغاشية]

...

سورة الأعلى:

أقول: في سورة الطارق ذكر خلق [النبات] والإنسان في قوله: {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} ١ "الطارق: ١٢"، [وقوله: {فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِق} إلى {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} "الطارق: ٥-٨"، وذكره في هذه السورة في قوله: {خَلَقَ فَسَوَّى} "٢"، وقوله في النبات: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى، فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} "٤، ٥"، وقصة النبات في هذه السورة أبسط، كما أن قصة الإنسان هناك أبسط، نعم، ما في هذه السورة أعم من جهة شموله للإنسان وسائر المخلوقات.

سورة الغاشية:

أقول: لما أشار سبحانه في سورة الأعلى بقوله: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى، وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى، الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} إلى قوله: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} "الأعلى: ١٠-١٧" إلى المؤمن والكافر، والنار والجنة إجمالًا، فصل ذلك في هذه السورة، فبسط صفة النار والجنة مستندة إلى أهل كل منهما، على نمط ما هنالك؛ ولذا قال [هنا] : {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} "٣" في مقابل: {الْأَشْقَى} "الأعلى: ١١" [هناك] ، وقال [هنا] : {تَصْلَى نَارًا حَامِيَة} "٤" إلى {لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوع} "٧" في مقابلة {يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} "الأعلى: ١٢" [هناك] ، ولما قال [هناك] في الآخرة: {خَيْرٌ وَأَبْقَى} "الأعلى: ١٧" بسط [هنا] صفة أكثر من صفة النار؛ تحقيقًا لمعنى الخيرية.


١ والصدع: النبات، والأرض تتصدع عن النبات والشجر والثمار والأنهار، والصدع بمعنى الشق؛ لأنه يصدع عن الأرض. انظر: العمدة في غريب القرآن ص٣٤٣.

<<  <   >  >>