للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة النساء]

قد تقدم وجه مناسبتها.

وأقول: هذه السورة أيضًا شارحة لبقية مجملات سورة البقرة.

فمنها: أنه أجمل في البقرة قوله: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} "البقرة: ٢١"، وزاد هنا: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} "١".

وانظر لما كانت آية التقوى في سورة البقرة غاية، جعلها في أول هذه السورة التالية لها مبدأ١.

ومنها: أنه أجمل في سورة البقرة: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} "البقرة: ٣٥"، وبين هنا أن زوجته خلقت منه في قوله: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} "١".

ومنها: أنه أجمل في البقرة آية اليتامى، وآية الوصية، والميراث، والوارث، في قوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِك} "البقرة: ٢٣٣"، وفصل ذلك في هذه السورة أبلغ تفصيل٢.

و [منها أنه] ٣ فصل هنا من الأنكحة ما أجمله هناك.


١ آية التقوى في البقرة هي: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} "البقرة: ٢"، وهي غاية؛ لأن الهداية بالكتاب وبآياته لا تكون إلا للمتقين، فالتقوى غاية الهداية، أما في سورة النساء فقد بدأ الله الأمر بها في قوله: {اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} "١" الآية، وبين وسائل تحقيقها في نفس الآية.
٢ وذلك في الآيات: "٧، ١١، ١٢، ٣٣، ١٧٦" من سورة النساء.
٣ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".

<<  <   >  >>