للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة لم يكن]

أقول: هذه السورة واقعة موقع العلة لما قبلها؛ كأنه لما قال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} "القدر: ١" قيل: لِمَ أنزل؟ فقيل: لأنه لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة، وهو رسول من الله يتلو صحفًا مطهرة، وذلك هو المنزَّل.

وقد ثبتت الأحاديث بأنه كان في هذه السورة قرآن نُسخ رسمه وهو: "إنا أنزلنا المال لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو أن لابن آدم واديًا لابتغى إليه الثاني، ولو أن له الثاني لابتغى إليه الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب"١.

وبذلك تشتد المناسبة بين هذه السورة وبين ما قبلها؛ حيث ذكر هناك إنزال القرآن، وهنا إنزال المال، وتكون السورتان تعليلًا٢ لما تضمنته سورة اقرأ؛ لأن [في] ٣ أولها ذكر العلم، وفي أثنائها ذكر المال، فكأنه قيل: إنا لم ننزل المال للطغيان والاستطالة والفخر؛ بل ليُستعان به على تقوانا، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة٤.


١ أخرجه الإمام أحمد في المسند عن أبي واقد الليثي "٥/ ٢١٨"، والطبراني في المعجم الكبير "٣/ ٢٤٧، ٢٤٨"، والقضاعي في مسند الشهاب "٢/ ٣١٨"، والدارقطني في العلل الواردة في الأحاديث "٦/ ٢٩٨"، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد "٧/ ١٤٠" إلى أحمد والطبراني، وقال: رجال أحمد رجال الصحيح.
٢ في "ظ": "تفصيلًا".
٣ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٤ العلم في قوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} "العلق: ٥"، والمال في قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} "العلق: ٦، ٧".

<<  <   >  >>