قال الإمام فخر الدين: هي كالمقابلة للتي قبلها؛ لأن السابقة وصف الله سبحانه فيها المنافقين بأربعة أمور: البخل، وترك الصلاة، والرياء فيها، ومنع الزكاة، وذكر في هذه السورة في مقابلة البخل:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}"١" أي: الخير الكثير، وفي مقابلة ترك الصلاة {فَصَلِّ}"٢" أي: دُم عليها، وفي مقابلة الرياء:{لِرَبِّكَ}"٢" أي: لرضاه، لا للناس، وفي مقابلة منع الماعون:{وَانْحَرْ}"٢" وأراد به: التصدق بلحوم الأضاحي، قال: فاعتبر هذه المناسبة العجيبة١.
سورة الكافرون:
أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى لما قال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ}"الكوثر: ٢" أمره أن يخاطب الكافرين بأنه لا يعبد إلا ربه، ولا يعبد ما يعبدون، وبالغ في ذلك فكرر، وانفصل منهم على أن لهم دينهم وله دينه.
١ انظر: "مفاتيح الغيب"، للرازي "٨/ ٧٠٠، ٧٠١"، وانظر: "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور" "٨/ ٥٤٧" وما بعدها، وفيه كلام قريب من كلام الرازي.