للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الزمر]

[أقول] ١: لا يخفى وجه اتصال أولها بآخر "ص"؛ حيث قال في "ص": {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِين} "ص: ٨٧"، ثم قال هنا: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ} "١"، فكأنه قيل: هذا الذكر تنزيل، وهذا تلاؤم٢ شديد؛ بحيث إنه لو أسقطت٣ البسملة لالتأمت الآيتان٤ كالآية الواحدة.

وقد ذكر الله تعالى في آخر "ص" قصة خلق آدم٥، وذكر في صدر هذه قصة خلق زوجه [منه] ٦، وخلق الناس كلهم منه، وذكر خلقهم في بطون أمهاتهم خلقًا من بعد خلق، ثم ذكر أنهم ميتون، ثم ذكر وفاة النوم والموت، ثم ذكر القيامة، والحساب، والجزاء، والنار، والجنة٧، وقال: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} "٧٥".

فذكر أحوال الخلق من المبدأ إلى المعاد، متصلًا بخلق آدم المذكور في السورة التي قبلها.


١ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٢ في "ظ": "تلاحم".
٣ في "ظ": "سقطت".
٤ في "ظ": "لالتأم الكلام".
٥ خلق آدم في سورة "ص" قوله: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} إلى {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} "ص: ٧١-٨٥".
٦ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٧ بدأ ذكر هذه الموضوعات في الزمر في قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} "٦" الآية، وقوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} "٣٠"، وقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} "٤٢" الآية، وقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} "٧١" الآيات، إلى آخر السورة؛ ولذلك لو قدمت الزمر على "ص" لاختل النسق القرآني الذي أحكمه الله تعالى.

<<  <   >  >>