٢ وذلك في قوله تعالى: {غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} "٢، ٣" إلى قوله: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ} "٤، ٥". وانظر: الدرر "٦/ ٥٨٢" وما بعدها. ٣ في المطبوعة: "بالمفتتح"، والمثبت من "ظ". ٤ انظر مقدمة المصنف وحاشيتها، وأشار إليه في الإتقان "١/ ٢٨١، ٣/ ٣٦٩". والذي نراه في سبب عدم افتتاح العنكبوت والروم بالكتاب أو وصفه والله أعلم: أنه لما تكرر الحديث عن الكتاب عقب الحروف المقطعة وأنه من عند الله، وهدى للمتقين، وتنزيل من رب العالمين، كان لا بد من ابتلاء المصدقين به حتى ينعزل المنافقون عن المؤمنين، ويظهر الصادق في إيمانه من الكاذب، وهذا بمثابة الاختبار العملي لاستجابة الناس لأمر الكتاب، ولا سيما وأن حملة تشكيك أثارها الكفار ضد الإيمان؛ ولذا قال تعالى في العنكبوت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} إلى أن قال: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} "العنكبوت: ١٠-١٢" الآية. أما في الروم فقد عقبت الحروف المقطعة باختبار ودليل على صدق وعد الكتاب الذي صدق الكتاب بالإخبار عن المستقبل وما يجري فيه من وعد الروم بالنصر بعد الهزيمة، وهذا ابتلاء يميز الله به المؤمنين من المنافقين عند هذا الوعد وموقف الفريقين منه، ودليل على صدق الكتاب، وأنه من الله حينما تحقق النصر بالفعل. {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} "الروم: ٦". أما سورة القلم فكانت ثالثة السور نزولًا بمكة، وكان الكفار قد أرجفوا بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مجنون، أو به مس من الجن، فاقتضى الأمر تسليته وتثبت فؤاده، وقدم هذه التسلية على الدفاع عن القرآن الذي جاء عقب ذلك في الآيات {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِين} إلى {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِين} "القلم: ١٠-١٥".