للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي التي تؤهلها طبيعتها لوصل الكلام. ونحن نعلم علم اليقين أن العربية تقرر وجوب وصل الكلام عند إظهار الحركات في أواخر الكلمات، وذلك مفهوم من قاعدتهم المشهورة: "لا يوقف على متحرك"؛ إذ معناه -بمفهوم المخالفة- وجوب الوصل عند التحريك.

ولسنا مع ذلك ندعي أن هذا الصوت الذي سموه همزة وصل حركة، وذلك لسببين:

أولهما: أن ذلك الصوت الذي يبدأ به النطق في نحو: "اضرب" و"اكتب" ليست له صفات الكسرة أو الضمة وخواصهما١. وذلك واضح تمام الوضوح لكل من له دراية بطبيعة هاتين الحركتين وطريقة تكوينهما في النطق الفعلي.

أما السبب الثاني: الذي يمنع افتراض كون هذا الصوت حركة فهو أن التركيب الصوتي للغة العربية يمنع ابتداء النطق بالحركات. وهذا يتمشى مع القانون الفنولوجي العام phonological rule لهذه اللغة: وهو عدم وقوع أي مقطع بها يبدأ بحركة.

وقد أدرك هذه الحقيقة بعض لغويي العرب، حيث نصوا على أن "الابتداء بالساكن إذا كان مصوتا أعني حرف مد ممتنع بالاتفاق. وأما الابتداء بالساكن الصامت أعني غير حرف المد فقد جوزه قوم. ولا شك الحركات أبعاض المصوتات ... فكما لا يمكن الابتداء بالمصوت لا يمكن الابتداء ببعضه. ويمكن الابتداء بالصامت الساكن، فيجوز أن يقدم الصامت الساكن على الحركة، ولا يجوز أن تقدم الحركة على الحرف، وإلا يلزم الابتداء بالساكن الممتنع اتفاقا"٢.


١ أما الهمزة المفتوحة في أداة التعريف وايمن قلنا فيها رأي خاص سيأتي بعد.
٢ شمس الدين أحمد: مراح الأرواح ص١٢٠.

<<  <   >  >>