للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحكامها، في الأقل فيما يتعلق بهذه الحركات التي تشترك "الهمزتان" في تحملها. ولكنا مع ذلك نراهم يفرقون بينهما من هذه الناحية في حالات كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال:

١- أن البصريين نصوا على أنه "لا يجوز نقل حركة همزة الوصل إلى الساكن قبلها" على حين "أجمعوا على جواز نقل حركة همزة القطع إلى الساكن قبلها نحو منَ ابوك"١.

٢- أنهم فرقوا بينهما وبين حركاتهما في الرسم؛ فقد جاء في صبح الأعشى أن المتقدمين كانوا يشيرون إلى الهمزة "همزة القطع"، "بنقطة صفراء ليخالفوا بها نقط الإعراب ... ويرسمونها فوق الحرف أبدا. إلا أنهم يأتون معها بنقط الإعراب الدالة على السكون والحركات الثلاث بالحمرة ... وسواء في ذلك كانت صورة الهمزة واوا أم ياء أم ألفا؛ إذ حق الهمزة أن تلزم مكانا واحدا من السطر، لأنها حرف من حروف المعجم. والمتأخرون يجعلونها عينا بلا عراقة، وذلك لقرب مخرج الهمزة من العين ولأنها تمتحن بها"٢.

أما بالنسبة لهمزة الوصل فقد جاء في هذا المرجع نفسه أن المتقدمين كانوا يشيرون إليها برسم جرة بالحمرة "وأما المتأخرون فإنهم رسموا لذلك صادا لطيفة إشارة إلى الوصل، وجعلوها بأعلى الحرف دائما، ولم يراعوا في ذلك الحركات اكتفاء باللفظ"٣.

فهذان النصان يقرران شيئين مهمين في هذا الباب، أولهما المخالفة بين الهمزتين في الرسم، وهو أمر يبدو ضروريا بالنسبة للقائلين بالفرق بينهما. ولكن يعكر الصفو عليهم ما قرروه هم من أن الهمزتين كلتيهما تتحملان


١ د. عبد الرحمن السيد: مدرسة البصرة النحوية "مخطوط مكتبة كلية دار العلوم" ص٩٠.
٢ القلقشندي: صبح الأعشى جـ٣، ص١٦٣ "من مطبوعات: تراثنا".
٣ المرجع السابق ص١٦٦.

<<  <   >  >>