للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- السكون أشد كلفة من الفتح في النطق، والفتح أيسر منه في ذلك بدليل اتفاق "القراء والنحاة على أن مخرج الحرف إنما يتبين ويتمثل إذا كان ساكنا. فكلفوا من يريد درس الحروف ووصفها وتحقيق مخارجها أن يسكن الحرف، ويصله بمتحرك قبله، فيقول: أبْ وأتْ وأثْ، ثم يرقب النطق ويصف المخرج ويبين الصفات، وما رسموا ذلك إلا لما رأوا في الإسكان من التمهل بالحرف والتمسك بمخرجه وتحقيق نطقه، فهذا من طبيعة السكون، ونطق العرب به يبين أن الفتحة أخف منه وأيسر مؤونة في النطق. وليس ينكر ذلك إلا من غالط نفسه وأنكر حسه"١.

وهذا الدليل -في نظرنا- لا يفيد الأستاذ في شيء، فاتفاق القراء والنحاة على نطق الصوت "أو الحرف" ساكنا عند دراسته ووصفه إنما جاء لحكمة واضحة، تلك هي أن المقصود هنا إنما هو نطق هذا الحرف وحده، إذ نطقه متلوا بحركة يفقده بعض خواصه، لاختلاط تلك الخواص بخواص الحركة التالية له. ومن ثم لم يكن بد من نطق الحرف "ساكنا" أي: خاليا من الحركة أو غير متلو بها. وليس يعني السكون هنا وجود أي شيء آخر ينطق بالإضافة إلى الصوت المقصود نطقه، وإلا فاتت الحكمة من تسكينه أي تجريده من الحركات. ومعنى هذا أن العرب كانوا على طريق مستقيمة حين اشترطوا هذا الشرط الذي أخذ الباحث ليكون شاهدا له على صعوبة "النطق" بشيء غير موجود، هو السكون في نظره.

٤- السكون ثقيل في النطق؛ لأنك "تعلم أن العرب تأبى أن تبدأ بساكن وترفض أن يجتمع في نطقها ساكنان، حتى تفر من أحدهما بكسر أو فتح"٢.


١ إحياء النحو ص ٨٦-٨٧.
٢ السابق ص٨٦.

<<  <   >  >>