للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

امتناع النطق بالساكن في ابتداء الكلام في رأيهم خاصة من خواص العربية، والمقصود بالساكن هنا هو "الحرف" غير متلو بحركة، وليس يعني ذلك ثقل "السكون" أو خفته، إذ ليس في السياق سكون ينطق، وإنما هناك صوت مجرد من التحريك، وقد يكون الصوت أي واحد من الأصوات العربية، الباء، التاء، الثاء إلخ.

ورفض اجتماع ساكنين في النطق يعني امتناع صوتين صامتين متتالين، أي امتناع التركيب: ص + ص "Consonant + Consonant = cc". فالثقل "إن كان هناك ثقل" يرجع إلى خروج هذا النموذج عن المألوف في نطق العرب لا إلى السكون؛ إذ ليس هناك سكون إلا في الرسم الكتابي أو التصور فقط.

٥- ولم يكتف الباحث بهذه الأدلة التي استنتجها من "واقع" النطق في نظره، والتي اعتمد فيها على التأثير السمعي لما ظنه السكون، فأورد شاهدًا آخر يعتمد على المعنى الذي يفيده السكون أو استخدامه في العربية.

فهو يرى أن من دلالات صعوبة السكون في النطق "إذا قيس بالفتحة" استخدامه "علامة التشديد والبت في الطلب، كما ترى التزامه في الأمر، وفي لتفعلْ ولا تفعلْ. وأنت تعلم ما يستدعيه الأمر في أغلب حاله من البت والتشدد والجزم. وربما أتوا بالسكون في غير الأمر للدلالة على التأكيد وتقوية الكلام، كما ترى في قول امرئ القيس:

فاليوم أشربْ غير مستحقِب ... إثْما من الله ولا واغل

وقول جرير:

ما للفرزدق من عز يلوذ به ... إلا بنو العم في أيديهم الخشب

سيروا بني العم فالأهواز منزلكم ... ونهر تيرى فما تعرفْكم العرب

بل إن أبا عمرو بن العلاء، من القراء السبعة ومن أئمة النحاة، قرأ:

<<  <   >  >>