للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"إن الله يأمرْكم أن تذبحوا بقرة"، بإسكان الراء لما كان استنكار المأمورين له ظاهرا ونفورهم منه قريبا١.

وفي رأينا أن ربط الظواهر الصوتية بالمعنى، أي: ادعاء أن أصواتا معينة تدل على معان معينة أو توحي بها، قضية لم يتفق على صحتها الدارسون. وهي قضية وإن جاز الأخذ بها في بعض العلوم كالنقد الأدبي مثلا. لا يصح الاعتماد عليها في البحث اللغوي الحديث. ذلك لأنها تعتمد في أساسها على الذوق الشخصي والنظرة الذاتية وهما يمثلان اتجاها مرفوضا في دراسة اللغة.

وعلى فرض التسليم بصحة هذا الادعاء أو قَبوله بوجه عام٢، فإننا نشك في سلامة تطبيقه على المسألة التي بين أيدينا فمن الواضح أنه لا تلازم ألبتة بين السكون وبين ما سماه الباحث "تقوية الكلام والبت في الطلب" فقد يحصل هذا الغرض بغير السكون، كما يحدث في أمر غير الواحد، وفي الأفعال الخمسة حين تجزم بلام الأمر. وقد وقع السكون في الكلام، ومع ذلك لا نلاحظ "تأكيدا أو بتا في الطلب" وهو كثير، من ذلك مثلا، التسكين في حالات الوقف أو ضرورات الشعر أو في الجزم بغير لام الأمر ولا الناهية.

على أن هذا الدليل -في حقيقة الأمر- باطل من أساسه، إذ ليس هناك سكون يوصف بالثقل أو الخفة في النطق، وإنما هناك عدم الحركة، وهذا العدم لا منطوق له، في الواقع أو التصور. وتسمية هذا "العدم" سكونا أمر يجوز قبوله، ولكن شريطة أن يكون الدارس على وعي بمفهوم هذا المصطلح من ناحية النطق.


١ إحياء النحو ص ٨٦-٨٨.
٢ المعروف أن النحاة يعدون ما جاء من ذلك في الشعر ضرورة. وأما قراءة أبي عمرو بن العلاء فيرى ابن مجاهد: أنا أبا عمرو كان يسكن لام الفعل في مثل ذلك للتخفيف في النطق لا لطرح الإعراب. الكتاب لسيبويه جـ٢ ص٢٩٧، كتاب "السبعة" لابن مجاهد.

<<  <   >  >>