للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحق لنا كذلك أن نتمسك بهذه التسمية "= عدم الحركة أو الخلو منها" حين ننتقل إلى المستوى الصوتي الثاني، وهو مستوى الدور الذي يقوم به السكون في اللغة؛ لأن الصوت على هذا المستوى الوظيفي -على الرغم من كونه وحدة مجردة abstract unit- يعتمد في حقيقة الأمر على الصوت المادي المنطوق، فالسكون وإن أدى وظيفة الأصوات، أو الحركات -بعبارة أدق- لا يزال من حيث النطق "عدما" أو "خلوا" من الحركة.

وبهذا يسوغ لنا الاكتفاء بوصفه أو تسميته عنصرا على أساس أنه مجرد ظاهرة ارتبطت بها بعض القيم الصوتية في سياقات معينة. وهذه الظاهرة -كما هو واضح- سلبية نطقا، إيجابية عملا ووظيفة.

ولكن هذا العنصر الإيجابي أثبت أنه يقف موقف المساواة مع الحركات في كثير من المقامات الصوتية على مستوى الكلمة والجملة كليهما. ولا شك أن هذا الوضع يرشحه لأن يكون جزءا من نظام الحركات في اللغة العربية، بل قد يدفعنا إلى إطلاق اسم "الحركة" عليه كذلك. غير أن إطلاق هذا الاصطلاح على السكون مشروط بقيدين اثنين مهمين.

الأول: تسمية السكون "حركة" مقصورة على الجانب الوظيفي له. وهو جانب لا يعتمد -في هذه الحالة- على النطق المادي، أو هو يعتمد عليه، ولكن بالمعنى السلبي، إذ السكون سلبي أو عدم من هذه النظرة الأخيرة.

الثاني: هذه التسمية يجب أن تكون مقرونة بمصطلح يشير إلى الفروق الأساسية بين السكون وبين الحركات الأخرى. هذه الفروق تتلخص في خاصة واحدة، هي "سلبية" السكون في النطق، وإيجابية الحركات من هذه الجهة. ولهذا نقترح أن نسمي السكون "الحركة الصفر" zoro vowel للدلالة على ذلك. ولا يتبادر إلى الذهن أن هذا الإطلاق قد يعني خلو السكون من القيمة، لأن الصفر، وإن كان غير ذي قيمة منعزلا، وحدة إيجابية ذات وظيفة خاصة

<<  <   >  >>