للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في النظام العددي. وكذلك الحال في السكون، فهو سلبي نطقا إيجابي في النظام الفنولوجي للعربية.

ومن هذا كله نخلص بنتيجتين اثنتين: أولاهما: يجوز لنا تسمية السكون "ظاهرة" أو "عنصرا" أو "حركة"؛ إذا نظرنا إلى قيمته الوظيفية ثانيتهما: يختلف عدد الحركات في العربية باختلاف الجانب الصوتي: فهذه الحركات ثلاث من حيث النطق والتأثير السمعي١ وهي الفتحة والكسرة والضمة. ولكنها أربع على المستوى الوظيفي، وهي هذه الثلاث مضافا إليها السكون. وفي هذه الحالة الأخيرة، يكون هناك نظام وظيفي للحركات مكون من أربعة عناصر: a four-term system، ثلاثة منها لها تحقيق صوتي مادي phonetic realization وهي الفتحة والكسرة والضمة، وعنصر واحد "وهو السكون" "لا شيء" أو عدم من هذه الناحية phonetically nothing.

وهنا قد يلح على القارئ هذا السؤال المهم: كيفي يكون السكون عنصرا صوتيا أو حركة وهو في الوقت نفسه خال من أية خاصة نطقية أو سمعية تعيننا على تعرفه؟ وإذا كان السكون محروما من كل المظاهر النطقية والسمعية، فماذا يبقى إذن؟ أو ماذا يكون هناك من وسائل لتدلنا على وجوده؟

الإجابة عن هذين السؤالين ذات ارتباط وثيق بفكرة عامة مهمة في الدراسات اللغوية الحديثة، تلك هي فكرة "الصفر" في بحث اللغة zero in linguistics.


١ الحركات ثلاث على أساس أنها وحدات لها تحقق صوتي مادي. ولكن هذا التحقق المادي قد يتعدد للحركة الواحدة بتعدد السياق. فلو نظرنا إلى السياقات المختلفة ولاحظنا الفروق الجزئية الدقيقة في النطق أمكننا الوصول إلى أضعاف هذا العدد، يصل إلى ثماني عشرة صورة للحركات الثلاث وربما أكثر من ذلك؛ انظر: كتابنا "الأصوات العربية" لمزيد من البيان.

<<  <   >  >>