وهذا الوصف ينطبق على السكون في العربية، إذ لا يمكن عزله، أو حتى تصور هذا العزل، لأنه لا يتحقق وجوده إلا بوجود التركيب نفسه، فسكون الباء في: لم يضرب مثلا لا يعدو أن يكون ظاهرة تنتمي إلى التركيب كله وليس جزءا من مكونات هذا التركيب الأساسية.
ولأستاذنا فيرث رأى في السكون يتفق في أساسه مع ما قررناه هنا فالسكون عنده وظيفة تقارن بوظائف الحركات، ومن ثم ربطه بها وضمه إليها، وسماه -كما فعلنا- "الحركة الصفر" zero vowel، لأن "كل حرف في العربية له إمكانيات حركية ثلاث أو عدم الحركة" a trivocalic ١potentiality or zero vowel. ولكنه لم يشأ أن يعده فونيما ثانوية أو غير ثانوية، لأنه ليس ممن يفرقون بين الفونيمات هذا التفريق الذي ذكرناه سابقا. والحق أن فيرث ليس من أنصار "نظرية الفونيم" في عمومها، لأنها لا تتمشى مع منهجه الذي يرى أنه ليس هناك في الكلام ما هو أولى أو أساسي وما هو ثانوي أو هامشي، وإنما هناك التركيب كله بمكوناته وخواصه مجتمعة، وليس لبعضها أفضلية على بعضها الآخر، وإذا كان لا بد من التفريق بين هذه المكونات فينبغي أن يكون ذلك على أساس الوظيفة ونوعها، لا على الأهمية أو عدمها، ولهذا كان عنده "وحدات" units و"ظواهر تطريزية" prosodies. والنوع الأول من هذا التقسيم الثاني يطابق ما يعرف بالفونيمات الأساسية ونحوها، على حين يطابق النوع الثاني الفونيمات الثانوية وأخواتها.
ويبدو من كلام فيرث حول السكون في العربية أنه يعده "ظاهرة تطريزية" prosody. كما يعد رمزه الكتابي "هـ" رمزا تطريزيا كذلك prosodic sign. وفي رأيه أن هذا الرمز واحد من رموز معينة تكون فيما بينها نظاما ثانيا للكتابة في العربية. وهذه الرموز هي تلك العلامات التي تضاف إلى "الحروف" لتوضيح دقائقها وهي ما يطلق عليها diacritical marks