ويظهر الفرق بيننا وبينهم من عدة وجوه، تتلخص في نقطتين.
أولاهما: أن بعض هؤلاء الدارسين نظروا إلى السكون نظرة سطحية واعتمدوا أكثر ما اعتمدوا على الرمز الكتابي له دون حقيقته الصوتية. سواء أكان ذلك من ناحية النطق أم من ناحية الوظيفة. وهذا السلوك ولا شك سلوك مضلل، لأن الرموز الكتابية لا تصلح بحال أن تكون مصدرا للحقائق الصوتية. وقد ظهر ذلك واضحا فيما وقعوا فيه من خلط، حتى لنجد الدارس الواحد في السياق الواحد يناقض نفسه؛ فالسكون عنده حركة، وهو كذلك عدم الحركة، أو كانت هذه التسمية المختلفة باعتبارين مختلفين لأجزناها لهم وارتضيناها منهم، ولكن ذلك في واقع الأمر لم يكن سوى نتيجة للخلط وعدم الفهم بحقيقة السكون، ودوره في اللغة.
النقطة الثانية:
تتمثل في تلك الحقيقة الناصعة، وهي أنهم بنوا حكمهم هذا على النطق الفعلي والتأثير السمعي، فسموه حركة وعاملوه معاملة الحركات على هذا الأساس. وهذا الأساس -كما رأيت- لا يصلح مسوغا ألبتة لتسمية السكون حركة وإعطائه خواص الحركات لخلوه من صفاتها تماما على هذا المستوى.
أما ما آل إليه بحثنا فهو أن السكون حركة على المستوى الوظيفي لا النطقي، مهملين بالطبع رمزه الكتابي لعدم جدواه في هذا الشأن. أما الحكم عليه بأنه حركة فللتشابه الواضح بين دوره ودور الحركات على المستوى الصوتي الوظيفي، وهو ما اختصت به التسمية "حركة".
وهذا العنصر الصوتي أو ما سميناه "الحركة الصفر"، ونعني به السكون، له قيم لغوية على المستوى الصرفي والنحوي كذلك ويمكن التدليل على ذلك بالإشارة إلى أمثلة مما يقوم به من وظائف في هذا المجال.