للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للتاء: قارن "طاب" و"تاب": كلمتان مستقلتان بمعنيين مختلفين، بسبب وجود الطاء المفخمة في الكلمة الأولى والتاء المرققة في الثانية.

ربما يوجد ما يشبه هذا التناظر أو التقابل في أصوات بعض اللغات كما يتمثل ذلك في الصورتين الأوليين من الكلمتين: this و three في اللغة الإنجليزية. ولكن من المهم أن ندرك أن هذا التقابل لا يجري على سنن مطرد في تكوين الكلمات وبنيتها، فهو إن وجد فإنما يكون ذلك في كلمتين أو كلمات معدودات دون أن يتخذ مسارا أو اتجاها مستقرا يؤهله لأن يكون قاعدة أو ما يشبه أن يكون كذلك.

وخاصة أخرى ترتبط بأسلوب توزيع الأصوات على مدارج النطق في العربية: تتمثل هذه الخاصة في نظام هذا التوزيع، بحيث تجيء الأصوات المؤلفة للكلمة منسجمة متناسقة خالية من الثقل، ليس بينها تنافر يؤذي السمع أو عدم انسجام يفقدها حلاوة النغم وحسن التلقي والقبول.

ولقد أدرك علماء العربية هذه الخاصة في لغتهم، واستطاعوا بفكرهم الثاقب ونظرهم الدقيق أن يضعوا ما يشبه أن يكون قواعد صوتية لما ينبغي أن يكون عليه تأليف الكلمة من أصوات، أخذا بنظام توزيع أصوات لغتهم على مدارج النطق ونظام التناسق والانسجام بين هذه الأصوات.

لقد قرروا أن العربية تتجنب جمع "الزاي مع الظاء، والسين، والصاد، والذال"، وجمع "الجيم مع القاف، والظاء، والطاء، والغين، والصاد"، وجمع "الحاء مع الهاء"، ووقوع الهاء قبل العين، والخاء قبل الهاء إلى آخر ما قرروا في هذا الباب على ما هو معروف للدارسين.

وقد أشار ابن جني إلى شيء من هذا في خصائصه، فيقول: أما إهمال ما أهمل مما تحتمله قسمة التركيب في بعض الأصول المتصورة أوالمستعملة فأكثره متروك للاستثقال. وبقيته ملحقة به ومقفاة على أثره. فمن ذلك ما

<<  <   >  >>