للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رفض استعماله لتقارب حروفه نحو: سص وصس وطت وتط وصش وشص، لنفور الحس عنه والمشقة على النفس لتكلفه. وكذلك قج وجق وكق وقك وكج وجك. وكذلك حروف الحلق هي من الائتلاف أبعد لتقارب مخارجها من معظم الحروف، أعني حروف الفم. وإن جمع بين اثنين منها يقدم الأقوى على الأضعف نحو: أهل وأحد وأخ وعهد، وكذلك متى تقارب الحرفان لم يجمع بينهما إلا بتقديم الأقوى منها.

وهناك بالعربية أصوات تقل أو يندر وجودها في كثير من اللغات المعروفة لنا في الشرق والغرب على سواء. من ذلك مثلا الهمزة المعروفة لنا في التراث بهمزة القطع١، كما في الصوت الأول من نحو "أحمد" و"أعرف" و"أعلام" مثلا فهذه الهمزة ليس له وجود في كثير من اللغات الأوربية وغيرها وهي إن وجدت في بعض صور الكلام وأساليبه كما في لهجة "لندن" مثلا ليست تعدل أو تتساوى مع الصوت العربي في كل وجوهه وخصائصه: إن الموجود في لهجة "لندن" هذه ليس همزا حقيقيا، إنما هو نوع من "التهميز" أو هو منح النطق سمة من سمات الهمزة، وليست له قيمة الهمزة العربية من حيث كونه عنصرا في تكوين الكلمة ودلالتها. إن هذا الصوت "اللندني" لا يعدو أن يكون ظاهرة نطقية بحتة، وليس وحدة صوتية مميزة، ذات وظيفة في التفريق بين المعاني أو تحديد القيم الصرفية والنحوية للكلمة. وعلى العكس من ذلك كله تتمتع همزتنا باستقلال وكيان صوتي ودلالي معا.


١ الهمزة "واسمها الأصلي الألف" لها وجود في اللغات السامرية، كالعبرية والآرامية والسوريانية وهي في العبرية تنطق محققة "وقفة حنجرية كالعربية" إذا وقفت بعد سكون تام "كما في ياصاه بمعنى خرجت" أو بعد شدة أو في أول الكلام. ولكنها تنطق مسهلة أو مدا للحركة السابقة عليها "كما في نحو توامر Touamar بمعنى تقول أو تأمر فأصلها همزة لأنها من: أمَر" فلها وجود في هذه اللغة، ولكن توزيعها في الكلام مختلف.

<<  <   >  >>