التقدير. ولا ضير من الأخذ بالقليل أو الشاذ "بمعنى المخالف للقاعدة العامة" في غير قواعد الإعراب ما لم يخرج بالعربية من خواصها الأساسية فيؤدي إلى فساد المعنى أو اضطرابه. والأخذ بهذا القليل أو الشاذ مطلب محمود في هذا الأوان حيث تكثر مشكلات العربية وتصرخ في وجوهنا فلا نجد لها حلا إلا الرفض المطلق أو القبول المطلق، وكلا الأمرين لا يفيدنا في شيء.
وربما كان من الأوفق في هذه المرحلة أن نسترشد بأساس ثان من أسس التقويم عند الأخذ بالمنهج المعياري، فنعاود المختصين من اللغويين ونراجعهم من وقت إلى آخر. ونشير أن الرأي من هؤلاء المختصين مسلك مقبول بل ضروري في نظرنا، حيث إن في هذا النهج نوعا من "توحيد مصدر الفتوى" فيما جد في لغتنا، فلا تترك الأمور فوضى يتقاذفها أنصاف المثقفين وأشباههم فيفتوا بما يعلمون وما لا يعلمون. هذا بالإضافة إلى ما لهؤلاء المختصين من خبرة ودراسة في التفسير والتوجيه والإرشاد إلى ما يخفى على كثير من العاملين في الحقل اللغوي.
والملاحظ على كل حال أن بعضا من أهل الاختصاص يترددون في الحكم على الظواهر اللغوية الجديدة، ولا يستطيعون حل بعض المشكلات التي يستفتون فيها، إما تمسكا بظاهر القديم أو عجزًا عن الفتوى أو رفضا لهذا الجديد برمته.
وهم في هذا الموقف الأخير "وهو الرفض المطلق لكل جديد" يتنكرون لأهم وظائفهم كما يتنكرون لحقيقة ثابتة مستقرة، هي تغير اللغة من حال إلى آخر، شئنا أو لم نشأ. وهذا التغير يحتاج منا إلى نظرة ودراسة، ولا يجدي رفضه بحال من الأحوال. لهذا كان الأساس الثالث المشار إليه سابقا جديرا بالنظر والأخذ في الحسبان في قضيتنا هذه.
إن اطراد استعمال الظاهرة اللغوية في بيئة معينة يرشحها للقبول ويؤهلها لأن تصبح جزءا أو مثلا من أمثلة النظام اللغوي في هذه البيئة، ذلك