٤- وكثيرا ما يحتدم الخلاف بين المجمعين حول تصحيح صيغة أو إجازة استعمالها في مواقع معينة في التركيب. فالمعروف أن "أي" في الفصحى اسم مبهم قد يأتي استفهاما أو موصولا أو شرطا أو صفة لنكرة. ولكنها في لغة اليوم قد "تشغل مواقع أخرى فتقع فاعلا أو نائب فاعل أو مفعولا به" من ذلك مثلا قولهم:
لا يعجبني أي كلام في هذا الموضوع.
لم يأخذ منه أي كتاب.
"وقد أتعب أعضاء المجمع أنفسهم في رد هذا الاستخدام المعاصر إلى معنى من معانيها المعروفة في الفصحى. وقد كان الأستاذ العقاد ذا بصيرة قوية حين قال تعليقا على هذه المحاولات، أضاف الصحفيون إلى اللغة العربية تلك العبارة لتدل على المعنى الذي تدل عليه كلمة في اللغة الإنجليزية، دون أن يخلوا بالمعنى الأصلي لكلمة "أي". ولو لم يبتكروا هذا التعبير لبقي مقابل الكلمة ناقصا في العربية، وليس من واجبنا أن نترك لغتنا عاجزة عن الدلالة عما تدل عليه اللغات الحية الأخرى"١.
وهكذا لو تتبعنا ما عرض له المجمعيون في هذا الصدد لخرجنا بنتيجة واضحة، هي أن عربية اليوم قد فتحت الباب على مصراعيه لاستعمالات لغوية جديدة تنتظم كلمات أو صيغا يختلف الدارسون في قبولها أو جواز اختيارها في هذا التركيب أو ذاك، لورودها على غير المألوف في الفصحى، مسجلا في صورة قواعد، أو مدركا بالذوق اللغوي أو الخبرة والممارسة.
وكذلك نحن، عرضت لنا عشرات الأمثلة في لغة طلاب الجامعات حرنا في تقويمها والحكم عليها، لاحتمالها وجوه الصحة والخطأ، بسبب اضطراب
١ لغة الصحافة المعاصرة، للدكتور محمد حسن عبد العزيز ٥٧، سلسلة "كتابك" العدد ٩٨ "دار المعارف بالقاهرة".