للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طبيعة الاستعمال اللغوي في كل لغة، لا أن يبدأ درس لغة من اللغات بالبحث عما فيها من "اسم" و"فعل" و"حرف"١.

٢- ومن أخطر ما رسخ في عقولنا عدم التمييز بين الدراسة الوصفية والدراسة التاريخية للغة.

ونحن نعتز بعربيتنا اعتزازا يخيل إلينا أنها لم تتغير منذ أن نزل القرآن الكريم، أو أنها لم تتغير إلا في أقل القليل، فنحن في دراسة مسألة ما قد نستشهد بشاهد جاهلي إلى جوار شاهد من صدر الإسلام، وإلى جوار شاهد عباسي وهكذا.

ونحن في حاجة إلى أن نتقبل أن اللغة العربية "الفصحى" في حياتها الطويلة الخصبة، مع محافظتها البالغة بوجه عام، قد طرأت عليها تغيرات في هذا الجانب أو ذاك، وأيا كان كنه هذه التغيرات، فهي في نظر العلم "تغيرات" يجب أن تدرس دراسة موضوعية منزهة من الأهواء.

والغريب في الأمر أننا ندرس "الدخيل" و"المولد" ونتحدث عن "غريب" القرآن الكريم والحديث الشريف، وعما فيها من كلمات أجنبية الأصل، وعن "تحضر" الكلام العربي، و"رقته" في بعض العصور، وعن "أساليب" عفى عليها الزمن فلم نعد نستعلمها، ونتحدث في تاريخ الأدب العربي عن الأطوار التي مر بها "أسلوب" الشعر، وعن تلك التي مر بها "أسلوب" النثر، ولكنا مع ذلك كله نحجم عن أن نقرر ذلك الحكم العام، وهو حكم بديهي صادق، رضينا أو لم نرض، ألا وهو أن اللغة العربية قد أصابها منذ نزول القرآن الكريم، حتى أيامنا هذه، تغيرات في هذا الجانب من جوانبها أو في ذاك. ونرى أن في هذا خطرا على لغتنا التي يجب علينا أن نصونها صونا للقرآن الكريم.


١ انظر الفصل الخاص "بأقسام الكلام" Parts of Speech في كتاب أوتو يسير سن "فلسفة النحو".
Otto Jespersen The philosophy of Grammar London George Allen and Unwin Ltd pp ٥٨ ٧١ "Reprinted ١٩٤٨".
وانظر في كتاب "اللغة" لفندريس ترجمة الأستاذين الدواخلي والقصاص، الفصل الذي عنوانه "الأنواع المختلفة للكلمات" من ص١٥٥-١٨١.
وانظر شيئا من التفصيل في هذا الموضوع عند الكلام على "الفلسفة اللغوية" في الباب الخاص بـ"موضوع علم اللغة" من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>