قيام نظريته في اللغة على هدى من نظرية "دور كايم" الاجتماعية"، والتي تصبح اللغة فيها من جملة الظواهر الاجتماعية، ويفرق بين ثالوث "دي سوسير" الشهير: اللسان Langue واللغة Languge والكلام Parole لينتهي إلى أن لغة مجتمع ما، هي ظاهرة مستقلة عن الفرد، وأن الكلمات من حيث هي علامات ذات وجود مستقل، وأن معناها اجتماعي في جوهره، ولذلك فإن القيمة اللغوية للكلمة تكمن في شيئين، الفكرة والصورة السمعية التي تدعو الفكرة، ومن ثم فإن الكلمة داخل النظام اللغوي ما هي إلا علامة لغوية تفرق بين فكرتين، وأن قيمة كل علامة تتوقف على وجود سائر العلامات الأخرى، ثم ينتقل بعد ذلك إلى المدرسة السلوكية أو "مدرسة بلومفيلد" ويعرض نظريته وخاصة فيما يتصل بتحليل المعنى ودراسته.
أما المدرسة الاجتماعية الإنجليزية أو "مدرسة فيرث" فهي تمثل عنده آخر المدارس اللغوية التي اهتمت بقضية المعنى، فيقف عندها تفصيلا عارضا لآراء أستاذه "فيرث" ونظريته في سياق الحال Context of situation ويرى أن هذه المدرسة تنظر إلى المعنى على أنه وحدة مركبة من مجموعة من الوظائف اللغوية الصوتية والفنولوجية والمورفولوجية والنحوية، ولكي نصل إلى حقيقة المعنى لا بد من تحليل هذه الوحدة على المستويات اللغوية مع بيان العوامل الخارجية والسياق الاجتماعي. وقد طور هذه النظرية فيما بعد بعض علماء اللغة البريطانيين أمثال هاليداي وماكنتوش وإنكفت وغيرهم في إطار ما يسمى الآن بعلم اللغة الاجتماعي، حيث انصب اهتمامهم على مظاهر التنوع في استعمال اللغة والعوامل اللغوية وغير اللغوية المؤثرة في الكلام أو النص، وميزوا بين أبعاد ثلاثة في الحدث اللغوي هي: مادته وشكله وسياقه، ورأوا أن التنوع في استخدام اللغة هو نوع من السياقات التي تتلازم مع مجموعة من الملامح اللغوية التي تعكس بدورها ملامح لموقف معين، وكل ذلك يحتاج إلى تصنيف وتحليل وتحديد في إطار الاستعمال العام للغة في مجتمع معين، وكل ذلك تم بعد وفاة الدكتور السعران بسنوات غير قليلة.
بهذا التاريخ للنظريات اللغوية في الدراسة الدلالية الكتاب. وصدد هذا لا بد من الإشارة إلى قائمة المصادر والمراجع الأجنبية التي حرص على أن يضعها بين يدي القارئ وهي فاتحة انفرد بها هذا الكتاب لأول مرة في اللغة العربية، كما زود الكتاب بمعجم خاص بالمصطلحات اللغوية باللغة الإنجليزية ومقابلها باللغة العربية، ومعظم هذه المصطلحات كان جديدا على اللغة العربية. وهوامش الكتاب تزخر