من النظم والنثر بنبذة توضح للطالب سبله، وتظهر علمه ونبله، وتترع محاسنه من راح المذاكرة وإناءه، حتى يرى إيثار هذا المصنف وإدناءه، وكنت في المغرب وظلال الشباب ضافية، وسماء الأفكار من قزع الأكدار صافية، معتنياً بالفحص عن أنباء الأندلس، وأخبار أهلها التي تنشرح لها الصدور والأنفس، وما لهم من السبق في ميدان العلوم، والتقدم في جهاد العدو الظلوم، ومحاسن بلادهم، ومواطن جدالهم وجلادهم، حتى اقتنيت منها ذخائر يرغب فيها الأفاضل الأخاير، وانتقيت جواهر، فرائدها للعقول بواهر، واقتطفت أزاهر، أنجمها في أفق المحاضرة زواهر، وحصلت فوائد بواطن وظواهر، طالما كانت أعين الألباء لنيلها سواهر، وجمعت من ذلك كلما عالية، لو خاطب بها الداعي صم الجلامد لا نبجس حجرها، وحكماً غالية، لو عامل بها الأيام ربح متجرها، واسجاعاً تهتز لها الأعطاف، ومواعظ يعمل بمقتضاها من حفت به الألطاف، وقوافي موفورة القوادم والخوافي، يثني عليها من سلم من الغباوة والصمم، ويعترف ببراعتها من لا يعتريه اللمم، وطالما أعرض الجاهل الغمر بوجهه عن مثلها واشاح، وأنصت لهما الحبر إنصات السوار لجرس الحلي ونغم الوشاح، وفرح إن ظفر بشيء منها فرح الصائد بالقنيص، والساري العاري ذي البطن الخميص، بالزاد والقميص وتركت الجميع بالمغرب، ولم أستصحب معي منه ما يبين عن المقصود ويعرب، إلا نزراً يسيراً علق بحفظي، وحليت بجواهره جيد لفظي، وبعض أوراق سعد في جواب السؤال بها حظي، ولو حضرني الآن ما خلفته، مما جمعت في ذلك الغرض وألفته، لقرت به عيون وسرت ألباب، إذ هو والله الغاية في هذا الباب، ولكن المرء ابن وقته وساعته، وكل ينفق على قدر وسعه