للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستطاعته، وعذر مثل باد، للمصنفين من العباد، إن قصرت فيما تبصرت، أو تخلفت في الذي تكلفت، أو أضعت تحرير ما وضعت، والتقمت ثدي التقصير ورضعت، أو أطعت داعي التواني فتأخرت عمن سبق وانقطعت، (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) ، ومن كانت بضاعته مزجاة، فهو عن الإنصاف بمنجاة، إذ أتى بالمقدور، وتبرأ من الدعوى في الورود والصدور، وعين الرضا عن كل عيب كليلة، والسلامة من الملامة متعذرة أو قليلة، وقد قال إمامنا مالك صاحب المناقب الجليلة: ((كل كلام يؤخذ منه ويرد إلا كلام صاحب هذا القبر)) صلى الله عليه وسلم أزكى صلاة وأتم سلام وشفى بجاهه من الآلام قلوبنا العليلة، وجلعنا ممن كان اتباع سنته رائدة ودليله، آمين.

والحمد لله الذي يسر لي هذا القدر، مع ضيق الصدر، وقلة بضاعتي، وكثرة إضاعتي، فإن حمده جل جلاله تتضوع به المطالب طيباً، وتقتضي ببركته المآرب فيرقى صاحبها على منبر القبول خطيباً، وتعذب به المشارب فتنبت في أرض القرطاس، من زاكي الغراس، ما يروق منظراً نضيراً ويورق غصناً رطيباً، وقد أتيت من المقال، بما يقر إن شاء الله تعالى عين وامق ويرغم أنف قال، وإن كنت ممن هو في ثوب العي رافل، وعن نسبته للقصور غير غافل، وممن جعل هدفاً وصير مكان الدرر صدفاً، إذ لسان الدين بن الخطيب إمام هذه الفنون، المحقق لذوي الآمال الظنون، المستخرج من بحار البلاغة المكنون، وله اليد الطولي في العلوم على اختلاف أجناسها، والألفاظ الرائقة التي تزيح وحشة الأنفس بإيناسها:

<<  <  ج: ص:  >  >>