العلمي. ومع أن نفح الطيب أقدم كتاب أندلسي ظهر للنور وعرفته المطبعة العربية وكان مصدراً لأكثر ما عرفه المشارقة عن الأندلس في مدى مائة عام أو أكثر فإنه لم ينل من عناية المحققين ما ينبغي له، وخير طبعة ظهرت منه هي تلك التي تولاها بالعناية كل من دوزي ودوجا وكريل ورأيت (ليدن: ١٨٥٥) فقد اعتمد هؤلاء المستشرقين على النسخ الخطية التي توفرت لهم في باريس ولندن وأكسفورد وغوطة وبرلين وكوبنهاجن وبطرسبرج، ونشروا الكتاب في قسمين يحتوي كل قسم على جزءين وألحقوا بذلك جزءاً صغيراً يضم الفهارس والتصويبات، ومع أن هذه الطبعة لم تشمل إلا القسم الأول من النفح، فليس ذلك مما يحول بيننا وبين كلمة إنصاف لهؤلاء المحققين، ذلك أنهم توخوا الدقة في مقارنة المخطوطات واجتهدوا في مراجعة نصوص النفح على ما تيسر لديهم حينئذ من مصادر، فجاء الكتاب ذا طابع علمي موثق. ولهذا اعتبرت الطبعة أصلاً معتمداً، وأشرت إليها في حواشي الطبعة الجديدة باسم أشهرهم في الدراسات الأندلسية وهو ((دوزي)) ، ولم أحاول أن أعيد النظر في المخطوطات التي اعتمدوها ثقة مني بأمانتهم التي تبلغ حد التزمت في إثبات الفروق بين مختلف النسخ الخطية.
وقد طبع النفح عدة طبعات في المشرق كان أولها طبعة بولاق سنة ١٢٧٩، وهي على ما فيها من جهد مليئة بالخطأ، وليس فيها ما في الطبعة الأوروبية من دقة علمية؛ ثم كان آخر الطبعات المشرقية طبعة المكتبة التجارية بإشراف الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد (القاهرة: ١٩٤٩) ، وقد أفاد فيها من الطبعة الأوروبية ومن الطبعات المشرقية، فجاءت في صورة مقبولة نوعاً ما، ولذلك أبحت لنفسي أن أشير إليها باسم ((التجارية)) إشارات قليلة، وإن كنت لا أعدها أصلاً لأنها لم تعتمد على نسخ خطية.
وفي سبيل أن أوفر لهذه النشرة الجديدة ما تتطلبه الأمانة العلمية من جهد راجعت النفح على كل ما استطعت الحصول عليه من مصادره - خطية كانت