للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن رأيت الناس غالب أمرهم ... إذا ما جنى زيد أقادوا به عمرا

وإلاّ فما بال النطاسيّ كلّما ... شكوت له يمنى يدي فصد اليسرى ٧٠ - ومن الوافدين من المشرق على الأندلس أبو اليسر إبراهيم بن أحمد الشيباني (١) ، من أهل بغداد، وسكن القيروان، ويعرف بالرياضي، وكان له سماع ببغداد، من جلة المحدثين والفقهاء والنحويين، لقي الجاحظ والمبرد وثعلباً وابن قتيبة، ولقي من الشعراء أبا تمام والبحتري ودعبلاً وابن الجهم، ومن الكتاب سعيد ابن حميد وسليمان بن وهب وأحمد بن أبي طاهر وغيرهم، وهو الذي أدخل إفريقية رسائل المحدثين وأشعارهم وطرائف أخبارهم، وكان عالماً أديباً، ومرسلاً بليغاً، ضارباً في كل علم وأدبن سمع وكتب بيده أكثر كتبه، مع براعة خطه وحسن وراقته.

وحكي أنه كتب على كبره كتاب سيبويه كله بقلم واحد، ما زال يبريه حتى قصر، فأدخله في قلم آخر، وكتب به حتى فني بتمام الكتاب.

وله تآليف: منها " لقيط المرجان " وهو أكبر من " عيون الأخبار "، وكتاب " سراج الهدى " في القرآن ومشكلة إعرابه ومعانيه، و " المرصعة " و " المدبجة ".

وجال في البلاد شرقاً وغرباً من خراسان إلى الأندلس، وقد ذكر ذلك في أشعار له.

وكان أديب الأخلاق، نزيه النفس، كتب لأمير إفريقية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب، ثم لإبنه أبي العباس عبد الله، وكان أيام زيادة الله ابن عبد الله آخر ملوك الأغالبة على بيت الحكمة، وتوفي بالقيروان سنة ثمان وتسعين ومائتين في أول ولاية عبيد الله الشيعي، وهو ابن خمس وسبعين سنة. وممن ألم بذكره المؤرخ الأديب أبو إسحاق إبراهيم بن القاسم المعروف بالرقيق.

وقال عريب بن سعد في حقه: إنه كان أديباً شاعراً مرسلاً حسن التأليف،


(١) ترجمة أبي اليسر الرياضي في التكملة: ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>