إلى العقدة، ويحصل من مخض الحقيقة على الزبدة، وقد علم أنه ما كل الخطب كخطبة المنبر، ولا جميع الأيام مثل يوم الحج الأكبر، وأدبه ياسيدي من نسبة أفقه، بل على شكل حسبه وخلقه، فإذا رأيته شهدت بأن الشرق قد أتحف إفريقية ببغداذه، بل رمانا بجملة أفلاذه، والحظ فيما يجب من بره وتأنيسه، إنما هو في الحقيقية لجليسه، فيا غبطة من يسبق لجواره، ويقبس من أنواره، وأنت لامحالة تفهمه فهمي، وتشيم من شيمه عارضاً بري القلوب الهيم يهمي، وتضرب في الأخذ من فوائده وقلائده بسهم وددت أنه سهمي، والسلام، انتهى.
٨٥ - ومنهم تقي الدين محمد ابن الشيخ شهاب الدين أبي العباس أحمد بن الغرس، الحنفي، المصري. قال الوادي آشي فيه: إنه من أعيان مصر، قال: وسألته هل يقع بين أهل مصر تنازع في تفضيل بعض المذاهب على بعض فأجابني بأن هذا لا يقع عندهم بين أهل الرسوخ في العلم، وذوي المعرفة والفهم (١) ، وإنما يصدر هذا بين الناشئين، قال: وللحنيفة الظهور عليهم حين يقولون لهم: لنا عليكم اليد الطولى في الخبز، لكونه بمصر يطبخ في الفرن بأرواث الدواب، وكذلك تسخين الحمام، فإن المالكية وغيرهم بمصر يقلدون الحنفية في ذلك، قال: وسألته حفظه الله تعالى: هل للوباء بمصر وقت معلوم فقال لي: جرت العادة عندهم بقدر الله تعالى وسره في خليقته أن كل سنة أولها ثاء مثلثة يكون فيها الوباء، والله تعالى أعلم، وأن هذا متعارف عندهم، هكذا قال لي. وعيب ما يقع من بعض النقاد بتونس وما يصدر عنهم بكثرة من إلقائهم الأسئلة العويصة في أصول الدين وغيرها على من يرد عليهم قصداً في تعجيزه وتعنيته، ثم قال: إن من المنقول عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن من حفظت عنه تسع وتسعون خصلة تقتضي الكفر وواحدة تقتضي الإيمان