أن الواحدة المقتضية للإيمان تغلب وتبقى حرمتها عليها، انتهى.
وقد ذكرنا في الباب الأول من هذا القسم حكاية البصري المغني القادم من المشرق إلى البصرة على عبد الوهاب الحاجب بإفريقية في دولة بني المعز بن باديس، وسردنا دخوله عليه في مجلس أنسه، وما اتفق في ذلك له معه، وأنه وصف له بلاد الأندلس وحسنها وطيبها، فارتحل المغني إليها، ومات بها، حسبما لخصناه من كلام الكاتب ابن الرقيق الأديب المؤرخ في كتابه " قطب السرور " ولولا أنه لم يسم المغني المذكور لجعلنا له ترجمة في هذا الباب، إذ هو به أليق، والأمر في ذلك سهل، والله تعالى الموفق للصواب.
٨٦ - ومنهم الولي الصالح العارف بالله سيدي يوسف الدمشقي، رضي الله تعالى عنه، وهو كما قال ابن داوود من كبار الأولياء، شاذلي الطريقة، قدم من المشرق إلى الأندلس، وكان يأتي مدينة وادي آش الكرة بعد الكرة لزيارة معارف له بها، وكان من الذين أخفاهم الله، لا يعرف به إلا من تعرف له، أعاد الله تعالى علينا من بركاته.
قال العلامة ابن داوود: وحدثني مولاي والدي رضي الله تعالى عنه من لفظه بتلمسان أمنها الله تعالى يوم الاثنين لثني عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة ٨٩٥، قال: دخل علي سنة شهر رمضان المعظم في زمان ولايتي الخطابة والإمامة بالعراص من خارج وادي آش، أعادها الله تعالى، فقعدت أول ليلة منه منفرداً بالمسجد الأعظم من الرباط المذكور بين العشائين، وفكرت في ذكر أتخذه في هذا الشهر المبارك يكون جامعاً بين الدنيا والآخرة، فأجمعت على مطالعة " حلية " النواوي لعلي أقف على ما أختاره لذلك، فلما أصبحت دخلت إلى المدينة، ولم أكن أطلعت على فكرتي أحداً، فلقيني الحاج الأستاذ أبو عبد الله بن خلف رحمه الله تعالى في الطريقٍ، فقال لي: سيدي يوسف الدمشقي يسلم عليك ويقول لك: الذكر الذي تعمر به هذا الشهر الفاضل: