للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أبصروا ليلى أقرّوا بحسنها ... وقالوا بأنّي في الثناء مقصّر ويكفي في الإنصاف أن أقول: إن حضرة مراكش هي بغداد المغرب، وهي أعظم ما في بر العدوة، وأكثر مصانعها ومبانيها الجليلة وبساتينها إنما ظهرت في مدة بني عبد المؤمن، وكانوا يجلبون لها صناع الأندلس من جزيرتهم (١) ، وذلك مشهور معلوم إلى الآن. ومدينة تونس بإفريقية قد انتقلت إليها السعادة التي كانت في مراكش (٢) بسلطان إفريقية الآن أبي زكريا يحيى بن أبي محمد بن أبي حفص، فصار فيها من المباني والبساتين والكروم ما شابهت به بلاد الأندلس وعرفاء صناعه من الأندلس وتماثيله التي يبنى عليها، وإن كان أعرف خلق الله باختراع محاسن هذا الشأن، فإنما أكثرها من أوضاع الأندلسيين، وله من خاطره تنبيهات وزيادة ظهر حسن موقعها، ووجوه صنائع دولته لا تكاد تجدهم إلا من الأندلس، فصح قول ابن غالب، انتهى.

[٣ - عن الحميدي]

قال الحميدي: أنشد بحضرة بعض ملوك الأندلس قطعة لبعض أهل المشرق وهي:

وماذا عليهم لو أجابوا (٣) فسلّموا ... وقد علموا أنّي المشوق المتيّم

سروا ونجوم الليل زهرٌ طوالعٌ ... على أنّهم بالليل للناس أنجم

وأخفوا على تلك المطايا مسيرهم ... فنمّ عليها (٤) في الظلام التبسّم فأفرط بعض الحاضرين في استحسانها، وقال: هذا ما لا يقدر أندلسي


(١) م: جزيرتها.
(٢) م: بمراكش.
(٣) ق ب: أثابوا (اقرأ: أنابوا) .
(٤) ب: عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>