للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحلال علوه، بل أكتفي من مدحه باسمه المشهورن فحسبي بدينك العلمين دليلاً على سعيه المشكور، وفضله المشهور، أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن قاسم صاحب البونت (١) أطال الله بقاءه، وأدام اعتلائه، ولا عطل الحامدين من تحليهم بحلاه، ولا أخلى الأيام من تزينها بعلاه، فرأيته أعزه الله تعالى حريصاً على أن يجاوب هذا المخاطب، وراغباً في أن يبين له ما لعله قد رآه فنسي أو بعد عنه فخفي، فتناولت الجواب المذكور بعد أن بلغني أن ذلك المخاطب قد مات، رحمنا الله تعالى وإياه، فلم يكن لقصده بالجواب معنى، وقد صارت المقابر له مغنى، فلسنا بمسمعين من في القبور، فصرفت عنان الخطاب إليك، إذ من قبلك صرت إلى الكتاب المجاوب عنه، ومن لدنك وصلت إلى الرسالة المعارضة، وفي وصول كتابي على هذه الهيئة حيثما وصل كفاية لمن غاب عنه من أخبار تآليف أهل بلدنا مثل ما غاب عن الباحث الأول، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وإن كنت في إخباري إياك بما أرسمه في كتابي هذا كمهد إلى البركان نار الحباحب، وباني صوىً في مهيع القصد اللاحب، فإنك وإن كنت المقصود والمواجه، فإنما المراد من أهل تلك الناحية من نأى عنه علم ما استجلبه السائل الماضي، وما توفيقي إلا بالله سبحانه.

فأما مآثر بلدنا فقد ألف في ذلك أحمد بن محمد الرازي التاريخي (٢) كتباً جمة: منها كتاب ضخم ذكر فيه مسالك الأندلس ومراسيها، وأمهات مدنها وأجنادها الستة، وخواص كل بلد منها، وما فيه مما ليس في غيره، وهو


(١) ذكر ابن الأبار في التكملة: ٣٨٨ أن ابن حزم كتب هذه الرسالة بطلب من أبي عبد الله محمد بن عبد الله الفهري صاحب البونت ويلقب: " يمن الدولة "؛ والبونت (Alpuente) من أعمال بلنسية استقل فيها بنو قاسم الفهريون بعد الفتنة، وأولهم عبد الله بن قاسم (- ٤٢١) وخلفه يمن الدولة وبقي حاكما حتى سنة ٤٣٤ (أعمال الأعلام: ٢٠٨) .
(٢) ترجمة الرازي في الجذوة: ٩٦ وطبقات الزبيدي: ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>