للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأندلس، فقال: أهله أصحاب جهادٍ متصلٍ يحاربون من أهل الشرك المحيطين بهم أمّةً يدعون الجلالقة يتاخمون حوزهم ما بين غربٍ إلى شرقٍ، قومٌ لهم شدّةٌ ولهم جمالٌ وحسن وجوهٍ، فأكثر رقيقهم الموصوفين بالجمال والفراهة منهم ليس بينهم وبينهم دربٌ، فالحرب متصلةٌ بينهم، ما لم تقع هدنةٌ؛ ويحاربون بالأفق الشرقي أمّةٌ يقال يهم الفرنجة هم أشد عليهم من جميع من يحاربونه من عدوّهم، إذ كانوا خلقاً عظيماً في بلادٍ كثيرةٍ واسعةٍ جليلةٍ متصلة العمارة آهلةٍ تدعى الأرض الكبيرة، هم أكثر عدداً من الجليقيين وأشد بأساً وأحد شوكة وأعظم أمداداً (١) ، وهذه الأمّة يحاربون أمّة الصقالبة المتصلين بأرضهم لمخالفتهم إياهم في الديانة فيسبونهم ويبيعون رقيقهم بأرض الأندلس، فلهم هنالك (٢) كثرةٌ، وتخصيهم للفرنجة يهود ذمتّهم الذين بأرضهم، وفي ثغر المسلمين المتصل بهم، فيحمل خصيانهم من هنالك إلى سائر البلاد، وقد تعلّم الخصاء قومٌ من المسلمين هناك، فصاروا يخصون ويستحلّون المثلة.

[بحر المجاز]

قال ابن سعيد: ومخرج بحر الروم المتصاعد إلى الشام هو بساحل الأندلس الغربي بمكانٍ يقال له الخضراء ما بين طنجة من أرض المغرب وبين الأندلس فيكون مقدار عرضه هناك كما (٣) زعموا ثمانية عشر ميلاً، وهذا عرض جزيرة طريف إلى قصر مصمودة بالقرب من سبتة، وهناك كانت القنطرة التي يزعم الناس أن الاسكندر بناها ليعبر عليها من بر الأندلس إلى بر العدوة،


(١) قارن هذا بقول ابن حوقل في الفرنجة: " غير أن الذي يلي المسلمين منهم ضعيفة شوكتهم، قليلة عدتهم وعدتهم ... والجلالقة أحسن وأصدق محاسن وأقل طاعة وأشد بأساً وقوة وبسالة ". (صورة الأرض: ١٠٦) .
(٢) ط: بذلك؛ ج: لذلك.
(٣) كما: زيادة من ك.

<<  <  ج: ص:  >  >>