للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن بديع نظم ابن الفراء المذكور قوله (١) :

شكوت إليه بفرط الدّنف ... فأنكر من قصتي ما عرف

وقال: الشهود على المدّعي ... وأمّا أنا فعليّ الحلف

فجئنا إلى الحاكم الألمعيّ ... قاضي المجون وشيخ الطّرف

وكان بصيراً بشرع الهوى ... ويعلم من أين أكل الكتف

فقلت له: اقض ما بيننا ... فقال: الشهود على ما تصف

فقلت له: شهدت أدمعي ... فقال: إذا شهدت تنتصف

ففاضت دموعي من حينها ... كفيض السحاب إذا ما يكف

فحرّك رأساً إلينا وقال: ... دعوا دعوا يا مهاتيك هذا الصلف

كذا تقتلون مشاهيرنا ... إذا مات هذا فأين الخلف

وأوما إلى الورد أن يجتنى ... وأوما إلى الريق أن يرتشف

فلمّا رآه حبيبي معي ... ولم يختلف بيننا مختلف

أزال العناد فعانقته ... كأنّي لامٌ وحبّي ألف

فظلت عتابه في الجفا ... فقال: عفا الله عمّا سلف ١٦٨ - وحكي عن الزهري خطيب إشبيلية - وكان أعرج - أنه خرج مع ولده إلى وادي إشبيلية، فصادف جماعة في مركب (٢) ، وكان ذلك بقرب الأضحى، فقال بعضهم له: بكم هذا الخروف وأشار إلى ولده، فقال له الزهري: ما هو للبيع، فقال: بكم هذا التيس وأشار إلى الشيخ الزهري، فرفع رجله العرجاء وقال: هو معيب لا يجزئ في الضحية، فضحك كل


(١) زاد المسافر: ٩٩.
(٢) ب: وكان ذلك في مركب.

<<  <  ج: ص:  >  >>