للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كورة طليطلة وما تشتهر به]

ومن أعظم كور الأندلس كورة طليطلة (١) ، وهي من متوسط الأندلس، وكانت دار مملكة بني ذي النّون من ملوك الطوائف، وكان ابتداء ملكهم صدر المائة الخامسة، وسمّاها قيصر بلسانه بزليطة (٢) ، وتأويل ذلك: أنت فارح، فعرّبتها العرب وقالت: طليطلة، وكانوا يسمّونها وجهاتها في دولة بني أميّة بالثغر الأدنى، ويسمون سرقسطة وجهاتها بالثغر الأعلى، وتسمى طليطلة مدينة الأملاك لأنها فيما يقال ملكها اثنان وسبعون إنساناً، ودخلها سليمان بن داود، عليهما السلام، وعيسى بن مريم، وذو القرنين، وفيها وجد طارق مائدة سليمان، وكانت من ذخائر إشبان ملك الروم الذي بنى إشبيلية، أخذها من بيت المقدس كما مر، وقوّمت هذه المائدة عند الوليد بن عبد الملك بمائة ألف دينار، وقيل: إنها كانت من زمرد أخضر، ويقال: إنها الآن برومة، والله أعلم بذلك.

ووجد طارق بطليطلة ذخائر عظيمة (٣) ، منها مائة وسبعون تاجاً من الدر والياقوت والأحجار النفيسة، وإيوان ممتلئ من أواني الذهب والفضة، وهو كبير، حتى قيل: إن الخيل تلعب فيه فرسانها برماحهم لوسعه، وقد قيل: إن أواني المائدة من الذهب وصحافها من اليشم والجزع، وذكروا فيها غير هذا ممّا لا يكاد يصدّقه الناظر فيه.

وبطليطلة بساتين محدقة، وأنهار مخترقة، ورياض وجنان، وفواكه حسان، مختلفة الطعوم والألوان، ولها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة، ورساتيق مريعة،


(١) طليطلة: (Toledo) كانت عاصمة الأندلس قبل دخول طارق، وهي مشرفة على ما يليها من الأندلس إلى الجنوب، وكانت من أولى المدن التي انتزعت من يد العرب إذ استولى عليها الفونش السادس عام ٤٧٨ وجر ذلك إلى معركة الزلاقة.
(٢) تصحفت الكلمة هنا؛ وصورتها الصحيحة " توليطة " وفي الروض المعطار " تولاظو " قال: ومعناه: فرح ساكنوها، وفي هذا غشارة إلى الأصل اللاتيني: (Tu ledo) بمعنى " أنت فارح "، وفي ك ط وردت: بزليطلة - برليطلة.
(٣) قارن بما ورد في الروض المعطار: ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>