للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤزّراً تنطق (١) به ألسنة السيوف على أفواه الأغماد، ومن أسرّ سريرة ألبسه الله رداءها، ومن طوى حسن نية ختم الله له بالجميل إعادتها وإبداءها، ومن قدّم صالحاً فلا بدّ أن يوازيه، ومن يفعل الخير لا يعدم جوازيه (٢) . ولما تخاصمت فيك من الأندلس الأمصار، وطال بها الوقوف على حبّك والاقتصار، كلّها يفصح قولاً، ويقول: أنا أحقّ وأولى، ويصيخ إلى إجابة دعوته ويصغي، ويتلو إذا بشّر بك " ذلك ما كنّا نبغ "، تنمّرت حمص غيظاً، وكادت تفيظ فيظاً، وقالت: ما لهم يزيدون وينقصون، ويطمعون ويحرصون " إن يتّبعون إلاّ الظنّ وإن هم إلاّ يخرصون ". لي (٣) السّهم الأسدّ، والساعد الأشدّ، والنهر الذي يتعاقب عليه الجزر والمدّ، أنا مصر الأندلس والنيل نهري، وسماء (٤) التأنّس والنجوم زهري، إن تجاريتم في ذلك (٥) الشرف، فحسبي أن أفيض في ذكر الشرف (٦) ، وإن تبجحتم (٧) بأشرف اللبوس، فأي إزار اشتملتموه كشنتبوس (٨) ، لي ما شئت من أبينة رحاب، وروضٍ يستغني بنضرته عن السّحاب، قد ملأت زهراتي وهاداً ونجاداً، وتوشّح سيف نهري بحدائقي نجاداً، فأنا أولاكم بسيّدنا الهمام وأحقّ، " الآن حصحص الحق ".

فنظرتها قرطبة شزراً، وقالت: لقد كثّرت نزرا، وبذرت في الصخر


(١) ج: أنطق.
(٢) من قول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس (٣) ك: ألهم.
(٤) ك: وسمائي.
(٥) ق ج: ذكر.
(٦) يعني ما يسمى " شرف إشبيلية "؛ راجع ص: ١٥٨ - ١٥٩.
(٧) ك: تبجحتم.
(٨) ط: كشنبوس. ج: كشوش.

<<  <  ج: ص:  >  >>