للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أحوالكم التي ترقّت في أطوار السعادة، ووصلت جناب الحقّ بهجر العادة، وألقت إلى يد التسليم لله والتوكل عليه بالمقادة، فنسرّ بما هيأ الله تعالى لكم من القبول، وبلّغكم من المأمول، وألهمكم من الكلف بالقرب إليه والوصول، والفوز بما لديه والحصول. وعندما رد الله تعالى علينا ملكنا الرد الجميل، وأنّالنا فضله الجزيل، وكان لعثارنا المقيل، خاطبناكم بذلك لمكانكم من ودادنا، ومحلّكم من حسن اعتقادنا، ووجّهنا إلى وجهة دعائكم وجه اعتدادنا، والله ينفعنا بجميل الظن في دينكم المتين، وفضلكم المبين، ويجمع الشّمل بكم في الجهاد عن الدين. وتعرّفنا الآن ممّن له بأنبائكم اعتناء، وعلى جلالكم حمدٌ وثناء، ولجناب ودّكم اعتزاء وانتماء، بتجاول عزمكم بين حجٍّ مبرورٍ ترغبون من أجره في ازدياد، وتجددون العهد منه بأليف اعتياد، وبين رباطٍ في سبيل الله وجهادٍ، وتوثير مهاد بين ربىً أثيرةٌ عند الله ووهاد، يحشر يوم القيامة شهداؤها مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين، فرحين بما آتاهم الله من فضله، والله أصدق القائلين (١) الصادقين، حيث لا غرة لغير عدوّ الإسلام تتّقى، إلاّ لابتغاء ما لدى الله ترتقى، حيث رحمة الله قد فتحت أبوابها، وحور الجنان قد زينت أترابها، دار العرب الذين قرعوا باب الفتح، وفازوا بجزيل المنح، وخلدوا الآثار، وأرغموا الكفار، وأقالوا العثار، وأخذوا الثار، وأمنوا من لفح جهنم بما علا على وجوههم من ذلك الغبار، فكتبنا إليكم هذا نقوّي بصيرتكم على جهة الجهاد من العزمين، ونهيب بكم إلى إحدى الحسنيين، والصبح غير خافٍ على ذي عينين، والفضل ظاهرٌ لإحدى المنزلتين، فإنّكم إذا (٢) حججتم أعدتم فرضاً أديتموه، وفضلاً ارتديتموه، فائدته عليكم مقصورةٌ، وقضيته فيكم محصورةٌ، وإذا أقمتم الجهاد جلبتم إلى


(١) القائلين: سقطت من ط ج ق.
(٢) ك: فإنكم إن.

<<  <  ج: ص:  >  >>