للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسناتكم عملاً غريباً، واستأنفتم سعياً من الله قريباً، وتعدّت المنفعة إلى ألوفٍ من النفوس، المستشعرة لباس البوس، ولو كان الجهاد بحيث يخفى عليكم فضله لأطنبنا، وأعنّة الاستدلال أرسلنا، هذا لو قدمتم على هذا الوطن وفضلكم غفل من الاشتهار، ومن به لا يوجب لكم ترفيع المقدار، فكيف وفضلكم أشهر من محيّا النهار، ولقاؤكم أشهى الآمال وآثر الأوطار، فإن قوي عزمكم والله يقوّيه، ويعيننا من برّكم على ما ننويه، فالبلاد بلادكم، وما فيها طريفكم وتلادكم، وكهولها إخوانكم، وأحداثها أولادكم، ونرجو أن تجدوا لذكركم الله في رباها حلاوةٌ زائدة، ولا تعدموا من روح الله فيها فائدة، وتتكيّف نفسكم فيها تكيّفاتٍ تقصر عنها خلوات السلوك، إلى ملك الملوك، حتى تغتبطوا بفضل الله الذي يوليكم، وتروا أثر رحمته فيكم وتخلفوا فخر هذا الانقطاع إلى الله في قبيلكم وبنيكم، وتختموا العمر الطيب بالجهاد الذي يعليكم، ومن الله تعالى يدنيكم، فنبيّكم العربي صلوات الله عليه وسلامه نبيّ الرحمة (١) والملاحم، ومعمل الصوارم، وبجهاد الفرنج ختم الناس عمل جهاده والأعمال بالخواتم، هذا على بعد بلادهم من بلاده، وأنتم أحقّ الناس بإقتفاء جهاده، والاستباق إلى آماده، هذا ما عندنا حثثناكم عليه، وندبناكم إليه، وأنتم في إيثار هذا الجوار، ومقارضة ما عندنا بقدومكم على بلادنا من الاستبشار، بحسب ما يخلق عنكم من بيده مقادة الاختيار، وتصريف الليل والنهار، وتقليب القلوب وإجالة الأفكار، وإذا تعارضت الحظوظ فما عند الله خير للأبرار، والدار الآخرة دار القرار، وخير الأعمال عملٌ أوصل إلى الجنّة وباعد من النار، ولتعلموا أن نفوس أهل الكشف والاطّلاع، بهذه الأرجاء والأصقاع، قد اتفقت أخبارها، واتحدت أسرارها، على البشارة بفتحٍ قرب أوانه، وأظلّ زمانه، فنرجو الله أن تكونوا ممّن يحضر مدعاه،


(١) الرحمة: سقطت من ق ط ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>