ويكرم فيه مسعاه، ويسلف فيه العمل الذي يشكره الله ويرعاه، والسلام الكريم يخصّكم ورحمة الله وبركاته، انتهى.؟
[تشبيه الأندلس بالعقاب]
ولما دخل الأندلس أمير المسلمين عليّ ابن أمير المسلمين يوسف بن تاشفين اللّمتوني ملك المغرب والأندلس، وأمعن النظر فيها، وتأمّل وصفها وحالها، قال: إنها تشبه عقاباً مخالبه طليطلة، وصدره قلعة رباح، ورأسه جيّان، ومنقاره غرناطة، وجناحه الأيمن باسط إلى المغرب، وجناحه الأيسر باسط إلى المشرق، في خبر طويل لم يحضرني الآن، إذ تركته مع كتبي بالمغرب، جمعني الله بها على أحسن الأحوال.
[المخزومي الأعمى ونزهون الغرناطية]
ومع كون أهل الأندلس سبّاق حلبة الجهاد، مهطعين إلى داعيه من الجبال والوهاد، فكان لهم في التّرف والنعيم والمجون ومداراة الشعراء خوف الهجاء محلٌ وثير المهاد، وسيأتي في الباب السابع من هذا القسم من ذلك وغيره ما يشفي ويكفي، ولكن سنح لي أن أذكر هنا حكاية أبي بكر المخزومي الهجاء المشهور الذي قال فيه لسان الدين بن الخطيب في الإحاطة (١) : إنّه كان أعمى شديد الشر، معروفاً بالهجاء، مسلطاً على الأعراض، سريع الجواب، ذكي الذهن، فطناً للمعاريض، سابقاً في ميدان الهجاء، فإذا مدح ضعف شعره. والحكاية هي ما حكاه أبو الحسن ابن سعيد في الطالع السعيد، إذ قال حكاية عن أبيه فيما أظن: قدم المذكور - يعني المخزومي - على غرناطة أيام ولاية أبي بكر ابن سعيد،